فيصل الزامل
لا تفسير لكثرة الجرائم مقارنة بنشاط رجال الأمن، وسرعة اكتشافهم للجرائم، وإلقـاء القبض على الجرمين بكفاءة عالية، إلا أن العقـوبة الرادعة غيـر كافيـة، ما جعل عـامل النظافة في منطقتنا السكنية يضع يده على فم المسكينة الآسـيوية، يكممها عن الاستغاثة ويسحبها كالخروف أو النعجة إلى شاليه تركه مقاول، وذلك للاعـتداء عليها في الخـامسة عصرا، بـينما كانت الحـركة في الشـارع على أشـدها، ولولا أن احد الأطفال لاحظ ذلك وصرخ طالبا النجدة لما تركها، ولاذ بالفرار.
الصحف تنـقل كل يوم أصنافا لا تحصى مـن جرائم الخطف والهتك، وهي تنسف شخصية أطفال، وتهدم الاستقرار النفسي لبيوت ولا يخسر الجرم شيـئا، مجرد تغيير عنوان السكن في حال إلقاء القبض عليه، ليسكن في السجن المركزي.
لقـد ازدحمت السـجـون، وصارت هي الأخرى عالما زاخـرا بالجريمة، ولو أن العقوبة قد تغلظت بحق قلة مجرمة لما وصل هؤلاء «الكثرة» إلى السجون.
أن الحـفـاظ على هـيـبـة الدولة يشكل رادعـا لـلمـجـرمين وضعـاف النفوس والعكس صـحيح إذا صـارت أخبار ضعف الدولة من الطـرائف فـيـتندر الناس بضـعـفــهـا، وتصل تلك الصورة إلى جميع الناس، حـتى يتجرأ من لا يملك الجرأة، لولا شيوع هذه السمعة.
نعم، نحن في دولة محبوبة، تدير القيادة السياسية الأمور فـيهـا بالحلم وسعـة الصـدر، وهو أمر إذا تجـاوز الحد حـتى يحدث الخلط بين الحلم والتسيب فإن الجرأة على الدولة تكون هي سيدة الموقف.
انظر إلى مـلف المديونيـات يـخـرج من البـاب ويـعـود من الشـباك، وانظر إلى العـمل المنظم لـ «حلب» الدولة، في صـور كثـيرة، القيادة السـياسيـة تناشد العقـلاء التوقف عن إرهاق مـاليـة البلاد بـالإنفاق العـبـثي، فـيـزداد الإصرار، القـيـادة السياسـية تناشد العقـلاء اخذ الأمور بالروية وتوفـير أجواء مواتية للعمل، فيزداد الإصرار على التصعيد.
إنها الـهيبـة التي إذا فقـدتها الدولة، فـإن اعتى القـوانين لا تحقق لها الاستقرار.
انه من الثابت أن الدولة لا تحكم بوضع رجل امن وخفير في كل حارة، وإنما تحكم بالهيبة، فـإذا غفلت أجهزة الأمن كان في هيبة الحكم ما يردع النفوس المريضة.
إنها ليـست دولة الحـاكـم وحـده وإنما هي دولة الحـاكم والمحكوم، والحـفاظ على هيـبتـها هو واجب شـرعي ووطني وأخلاقي.
فـإذا ذهبت هذه الهـيـبة فـالخـاسـر هو المواطنون والوطن وحكامه.