فيصل الزامل
صحيح، ما السبب؟ هل لأنهم في عمان وبعض دول الخليج حسموا هذا الأمر في وقت مبكر؟ ففي دولة الامارات هناك اعداد هائلة من المقيمين ممن انتظمت امورهم بغير ان يفتح لهم ملف «بدون» ولا حتى اقامة غير قانونية، بينما تعيش الكويت زعزعة لا نهاية لها بسبب عدم تقديم حلول نظامية للراغبين في العيش على ارضها بعزة وكرامة، يصلون معها الى احتياجاتهم الاساسية، ولنأخذ السكن على سبيل المثال، فهناك العديد من الوافدين - في الكويت - يتملك سكنه، بينما هناك الكثيرون ممن لا يستطيع شراء منزل وينتظر رعاية الدولة السكنية له، ومن حق الوافد ان يتملك سكنه مباشرة بدلا من تسجيله باسم آخرين وكتابة اوراق «الضد» والتنازل.. الخ، ومثل ذلك يقال عن خدمة التعليم التي يصل اليها اليوم عبر التعليم الخاص مئات الألوف من الوافدين، وهي خدمة تفوق في جودتها ما تقدمه الحكومة، بدليل ان الخمسين الأوائل في معظمهم هم من ابناء الوافدين الدارسين في التعليم الخاص.
لقد تأسس العلاج الصحي في المملكة العربية السعودية في مرحلة مبكرة على مبدأ «الحكومة مسؤولة عن علاج المواطنين» فقامت مستشفيات ومستوصفات اهلية راقية، رافقت ذلك نهضة كبيرة في صناعة التأمين الصحي، حيث تمت اضافة قيمة قسط التأمين الى رواتب الوافدين بشكل آلي، الامر الذي ادى الى حصولهم على خدمات صحية تنافس ما تقدمه المستشفيات الحكومية للمواطنين هناك، وهو أمر حدث في الكويت في مجال التعليم على نحو ما بيناه آنفا، الامر الذي ادى الى تطور قطاع التعليم الاهلي عندنا.
لقد حققنا نجاحات قليلة ولكنها قابلة للزيادة والتكرار، فالوافدون هم فئة اساسية في بنية المجتمع الخليجي والكويتي، ومن العيب ان يتم تجاهلهم والضغط على عدد منهم لإخفاء اوراقه الثبوتية حتى يصل الى الخدمات العامة والاحتياجات القانونية لتثبيت حقوقه.
من جانب آخر، تحرص الدول التي تفتح الباب لتجنيس اعداد من المهاجرين اليها على بناء اسس التآخي وبث روح المواطنة في اسرة المواطن الجديد، وها نحن نراهم يفعلون ذلك - في الغرب - سواء في الجيل الاول او الثاني الذين يحبون بشدة وطنهم الجديد، وللأمانة فإن من عاش معنا في الكويت سواء حصل على الجنسية ام من المقيمين الاعزاء الذين اسهموا كثيرا في بناء الدولة على مر السنين هؤلاء، يحملون مشاعر حب كبير لهذا الوطن، اقول ذلك بعد عشرات التجارب مع الناس، سواء كانوا عربا أم غير عرب، فالبلد بشكل عام محبوب من هؤلاء، وهم يعرفون الفرق بين من يسيء المعاملة وهذا البلد كدولة قوانين مهما قلت عن السلبيات، وهو اساس جيد يمكن بناء روح المواطنة عليه في نفس الحاصل على الجنسية، وابنائه، واذا كان من معوق في هذا الصدد فهو نابع منا نحن فيما يتعلق بالأجواء السياسية التي تحث الأفراد على التشرذم، الذي يسمونه التحزب، حيث يقول نظامنا الانتخابي لكل مواطن «ابحث عن فئة تنتسب اليها» ما ينعكس سلبا على المواطن الجديد في هذه المسألة.
(فائدة لغوية)
الصحيح أن تقول (يسير على نهجه، وينسج على منواله) وليس العكس، كقول بعضهم (يسير على منواله، وينسج على نهجه) فالنهج هو طريق تسير عليه، والمنوال هو آلة النسيج.