بقلم: فيصل عبدالعزيز الزامل
٭ جاء هذا التصريح من الرئيس الأميركي في ضوء تطورات في بلد اشتهر بالإسراف، فهو يستهلك 18.835 مليون برميل يوميا، حوالي ضعف ما تنتجه السعودية في اليوم، وقد تم خفض الإسراف بتحسين كفاءة استخدام الوقود (بالتخلص من السيارات القديمة، وزيادة الضريبة على الاستهلاك..الخ) ومن الناحية التكنولوجية تم تطوير وسائل التكسير الهيدرولوكي باستخدام تكنولوجيا المياه العميقة وانتاج النفط الصخري الأمر الذي زاد في معدل نمو انتاج النفط هناك بنسبة 25% سنويا، وهذه التطورات خفضت نسبة ما تستورده الولايات المتحدة الى 42% فقط بدلا من 60%. يقول الرئيس أوباما «وبالتالي فلن يكون القرار السياسي الأميركي مرتهنا لحاجتها من النفط كما كان عليه الحال في السابق» انتهى، لهذا قد يتأثر سعر البرميل بانخفاض الطلب ليصل الى أسعار لا تتناسب مع الأسس التي اعتمدت للموازنات العامة في دول الخليج، ففي عام 2002 أدى انخفاض سعر البرميل الى تسجيل دول الخليج عجزا بلغ 17.2 مليار دولار، وهو أمر قابل للتكرار.
٭ كانت المخاطر الأمنية هي الدافع الأول نحو قيام اتحاد خليجي أكثر فعالية من «مجلس تنسيق وتعاون»، ولكن مع تعرض العالم للأزمات الاقتصادية بشكل متلاحق، والتطورات غير المحسومة في الجانب النفطي ـ على مدى العقود الثلاثة القادمة ـ فإن الاتحاد الخليجي «خيار استراتيجي» لا يمكن تجاهله، لتصبح بموجبه مصالح الكويت الاقتصادية جزءا من مصالح الدول الست والعكس صحيح، فقد ارتفعت الكثافة السكانية لهذه الدول من 8 ملايين نسمة عام 1950 الى 58 مليونا في عام 2007، وستصل الى 124 مليونا في 2050، نسبة الشباب فيها 70%، الأمر الذي يحمل دول المنطقة مسؤولية هائلة لتأمين التعليم والعلاج الجيد وفرص العمل الحقيقي بعيدا عن مفهوم الدعم الاجتماعي عبر وظائف وهمية.
٭ يعتبر النظام الضريبي الركيزة الحقيقية لاقتصاد الدولة الحديثة، ليس فقط للإيرادات المالية التي يجلبها الى الخزانة العامة ولكن لكفاءة استخدام الموارد والخدمات وهو أمر نعاني منه في الكويت، وسائر دول الخليج، فالرقم البسيط الذي لا يشعر به المواطن، كضريبة، يمثل حافزا تنظيميا بالغ الأثر على موارد الدولة، والعكس صحيح.
٭ قررت النرويج عام 1990 تحويل إيراداتها من النفط الى صندوق الأجيال بالكامل، بنسبة 100% والسبب هو جودة النظام الضريبي الذي يرفع كفاءة صرف الدولار الواحد ويمنع الهدر في استخدام الموارد الطبيعية، كحالنا.
٭ باختصار، إذا كانت الولايات المتحدة تشعر بالسعادة لتحررها من الحاجة الى نفط الشرق الأوسط، فإن دول الخليج مدعوة الى تحقيق الهدف نفسه (التحرر من سيطرة الوفرة النفطية على مقدراتها وسلوكها غير الرشيد اقتصاديا في إدارة التنمية).
٭في الكويت هناك مساحة كبيرة لإفادة الشباب من سوق العمل في «اقتصاد الخدمات» الذي يعمل فيه 2 مليون من الإخوة الوافدين وهو شبه خال من المواطنين، هذا القطاع الحيوي (الخدمات)، يحقق للشباب ما هو أهم من الإيراد الشهري «التعبير عن الذات»، والاستعدادات التي لدى الشباب الكويتي كبيرة جدا للخوض في هذا الاقتصاد، منهم من يعمل حاليا في المطابخ الحديثة وحتى في الفنادق والمناطق الصناعية والتقنيات الالكترونية الحديثة، فقد تغيرت مفاهيم كثيرة بشأن العمل، سواء بسبب الدخل المرتفع لهذه الوظائف أو لطبيعتها المتميزة وفق التجهيزات الحديثة، والسلوكيات المستجدة اجتماعيا في عالم الطلب على تلك الخدمات.
باختصار، لا يجوز أن ننتظر اليوم الذي نعلم جيدا أنه قادم، يجب أن نعمل سبع سنين الوفرة في الموارد لمواجهة السنين السبع العجاف، مع تفاوت في تحديد الرقم، هل أقرب أم أبعد من ذلك، غير أنها قادمة لا محالة.
[email protected]