فيصل الزامل
أصيب البرلمان البريطاني المطل على «نهر التايمز» بفضيحة نفقات السياسيين التي نشرتها الديلي تلغراف على مدى العشرة أيام الأخيرة، وأبرزها:
-
رواتب سكرتارية ومساعدين.
-
صرف مبالغ لتوفير سكن قريب من البرلمان.
-
شراء أحد النواب ثلاثة أسرّة في 9 أشهر، من المال العام.
-
حصول نائب آخر على ثمن شماعة لتعليق ملابسه في البرلمان.
-
صرف مبلغ تنظيف مدخنة منزل ريفي لأحد النواب.
-
مطالبة نائب بقيمة الاشتراك في فضائية سكاي الإخبارية.
هذه الفضيحة تسببت في تقديم رئيس مجلس العموم استقالته في سابقة هي الأولى من نوعها منذ 300 عام، وذلك اثر مطالبات من أعضاء في البرلمان له بالاستقالة بسبب تساهله مع تلك المخالفات، ولو أن هذا الملف فتح في الكويت لقالوا كما قال العراقي «غير لو تدري، تدق على رأسك»، وقد يأتي يوم عندنا يطالب فيه نواب شجعان بما يلي:
-
كيف، ومتى، تمت الموافقة على رفع عدد أعضاء السكرتارية لكل نائب، من واحد إلى خمسة؟ وهل لهذا علاقة بانتخابات داخل المجلس؟
-
كيف ومتى تم السماح بمخالفة قانون الخدمة المدنية فيما يتعلق بالجمع بين الراتب التقاعدي للنائب بعد فوزه إضافة إلى راتب ومميزات العضوية؟
بعبارة أخرى، تحتاج أي مؤسسة برلمانية للقيام برقابة ذاتية، أو عبر صحيفة مثل الديلي تلغراف التي لو قامت بحسبة بسيطة لاكتشفت أن مخالفات النواب البريطانيين تقاس بالملاليم بينما هي في الكويت بالملايين، فهناك موظفون يتقاضون رواتبهم في وزارات عدة دون أن يتواجدوا في مقر العمـــل، وقد صرح بهذا الأمر وزير الأشغال السابق بدر الحميدي في مقابلة تلفزيونية بقوله «عندي خمسمائة موظف معينون في قسم لا يحتاج أكثر من ثلاثة موظفين» وذلك في وزارة لا تقوم بتنفيذ أي من مشاريع الدولة حيث يتم إسناد التنفيذ إلى شركات المقاولات، وغاية ما تحتاجه هو 400 موظف على أحسن تقدير، بينما يبلغ عدد العاملين فيها حاليا 8000 موظف، معظمهم تم تعيينه في عهد نواب/وزراء، وبفضلها رجعوا إلى المقعد النيابي أكثر من مرة!
الديموقراطية البريطانية تتبع نظاما قديما ينحصر فيه دور رئيس مجلس العموم في إدارة الجلسات، ويمارس الحياد التام بين آراء الأحزاب والأعضاء والحكومة، وتمتد تلك الاستقلالية إلى علاقة البرلمان مع الأسرة المالكة هناك، الأمر الذي لا يجعل للرئيس اهتماما باستقطــاب رضاء النواب فهو يمارس عملا روتينيا بحتا (الحفاظ على النظـام ـ ترتيب إلقاء الكلمات ـ إدارة العلاقة بين الحكومة والنواب بشكل متوازن)، ولهذا فلا يوجد لديهم حمـاس، لدى النواب، لتغيـير من يشغل هذا المنصب الذي يحـظى باحتـــرام كبير بسبـــب الحيادية والاستقــلالية، هذه المواصفات بحـــاجة إلى نظـرة تأمل، حينــــما نتحدث عن «الحيـــاة الديموقراطيـــة» ليس في الشكل فقط، ولكن في الجوهر أيضا.
كلمة أخيرة:
وفد على عمر ( رضي الله عنه ) عامله على اليمن وعليه حلة فاخرة، مرجل الشعر دهينا، فقال له «هكذا بعثناك؟» فأمر بالحلة فنزعت وألبسه جبة من صوف، وسأل عن سيرته فلم يجد عليه خيانة وأعاده إلى عمله، ثم جاءه العام القابل أشعث أغبر عليه أطلاس من ثياب، فقال له عمر «لا هذا ولا ذاك، كلوا واشربوا وتجملوا، إنكم تعلمون الذي أكره من أمركم»... يريد نظافة اليد وترك الغرور والمباهاة.