فيصل الزامل
تحدثت السيدة كوثر الجوعان في حفل استقبال النائب المتألق مرزوق الغانم عن الأجواء السعيدة بوصول أربع سيدات إلى قبة عبدالله السالم ثم عبرت عن خشيتها من ان تكون هذه الفرحة مؤقتة تشوبها بعض سمات الألم والحزن بسبب الصراع السياسي ذي العراك الثقيل الذي لم ينته منذ سنوات طويلة ولا يمكن ان ينتهي بمجرد ظهور هذه النتائج المفرحة، واضافت «لا نتطلع إلى إنهاء هذا الصراع بسبب أزليته، فقط نتطلع إلى بلورة أسبابه ومسبباته، فهذا الصراع لم ينته لأنه لم يستأصل من جذوره» انتهى.
ترى، هل تستطيع المرأة معالجة أزمة عجز الرجال عن معالجتها منذ ثلاثة أرباع قرن تقريبا؟ والسبب الرئيسي هو عدم الكلام عن باعثها الأصلي بصراحة، فقد ابتدأت هذه الأزمة عام 1921 إثر شعور بالغبن لدى الناس من ضياع تضحياتهم في حروب متلاحقة في عهد الشيخين مبارك وسالم، وفقدان البلاد لثلثي مساحتها، ما دعا الى المطالبة بالمشاركة في إدارة شؤون البلاد، وما يقال عن الإطار العصري لتلك المشاركة واستحضار تجارب الدول المتقدمة و«.. الأمة مصدر السلطات» كل ذلك يمثل «الشكل» الملائم لتحقيق الهدف الأساسي، وهو ردة الفعل لما أشرنا إليه، ومع مرور الوقت نسي كثيرون نقطة البداية عندما استجدت ممارسات «تابعة»، سواء في عام 1938 أو في عام 1967 وصولا إلى عام 1990، الأمر الذي يتطلب العودة إلى نقطة البداية للوصول إلى أصل «الخراج».
نحن اليوم أبناء عصر آخر، فقد تجاوزت أسر فقدانها لأشخاص أو إيذاءهم بحوادث مأساوية في وارد الحكم، وتجاوزت دول في أفريقيا مسألة الحدود حينما اعتبرت في عام 1964 أن الحد الفاصل الذي وضعته الدول الاستعمارية قبل مغادرتها هو الخط الرسمي، وبغير ذلك فلا مجال لأي بديل آخر يفتح باب حروب لا نهاية لها حول الحدود المشتركة بين الدول الأفريقية.
بعبارة أخرى، لابد من فتح الدمل وتنظيف هذا «الخراج»، المراهم وحدها لن تزيل تلك المشاعر، فالماضي مليء بالتجارب السلبية «من الجانبين»، نعم كان للشيخ مبارك مشروع طموح يمتد إلى داخل الجزيرة قبل حركة توحيدها على يد الملك عبدالعزيز، ولم يتمكن الشيخ مبارك من تحقيق مشروعه، الأمر الذي لو حدث لتغيرت النظرة إلى تلك التضحيات، في الجانب الآخر كدنا نفقد ما تبقى من الأرض إثر ردة الفعل الحادة باتجاه العراق الملكي - الخاضع آنئذ لحكم الإنجليز - الأمر الذي لا يجعل له مزية نوعية أو شكلية، كانت ردة فعل غاضبة، فحسب.
نأمل أن ينجح الجيل الجديد في تحقيق ما أشارت اليه الجوعان في «استئصال هذا الصراع من جذوره» فالمستقبل أمامنا، ولم تعد الدول تحتمي بسور من حجر أو طين بل باقتصاد متين، وتحالفات إقليمية ودولية، وقبل ذلك تلاحم شعبي ورسمي متين يصب في شرايين الدولة دماء حارة، تفور بالعطاء والإبداع.
كلمة أخيرة:
يرحمك الله أخي خالد محمد مسلم الزامل، نشأت معك في بيت واحد في كويت السور، ولعبنا تحت جدار الطين الذي سقط ذات مرة على أهل البيت في «سنة هدامة» شأن معظم البيوت، ثم سارت بنا سني الحياة في دروبها حتى وصلت أنت الى نهاية دربك، وبقي لي من بعدك فيها شيء يسير، والله أسأل لك الغفران التام، من لدن كريم، مجيب، رحمن، رحيم، آمين.