موضوع فتوى الضوابط الشرعية للمشاركة في الانتخابات، وكذلك العضويات في المجالس التي تسفر عنها والتي صدرت ردا على سؤال مقدم من الأخ النائب محمد هايف إلى لجنة الإفتاء بوزارة الأوقاف يجب ألا تكون سببا للتعريض بجهاز الإفتاء إذا لم تتلاءم الإجابة مع ما يريده البعض، من جانب آخر، هناك أمور تحتاج إلى بيان الرأي الشرعي الحاسم، وأخرى تتصل بالتجاذب السياسي في البلاد، فهذه الفتوى ليست جديدة، غير أن اتصالها بحدث سياسي وصدورها استجابة لسؤال من نائب أعطاها بعدا آخر، ما يستدعي النظر في طريقة التعاطي مع استدعاء الفتوى للمشاركة في السجال.
للتوضيح أعود الى ما كنا نسمعه قبل سنوات طويلة حينما تثار مواضيع أخرى خلافية، كنا نسمع عبارة «الزمن كفيل بتغيير الأمور لصالح السماح ببيع الخمر».. وغيرها من المسائل... كان البعض يراهن على أن التغيير سيكون لصالح وجهة نظره، ولكن لم تجر السفن بما اشتهى هذا البعض، على سبيل المثال، عند تصميم مبنى مطار الكويت الدولي الحالي في مطلع السبعينيات، تم تخصيص الموقع الدائري المميز فوق صالة المغادرين لاستخدامه كـ«بار لتقديم الخمور»، في مراهنة أخرى على أن «الزمن كفيل بتغيير الأمور» ولم يدر بخلد صاحبنا أن يصبح هذا الموقع مسجدا، فليس من عادة المشاريع الكبيرة أن تختار موقع المسجد في مثل هذا المكان المميز، ولكن المصمم أراد شيئا وقدر الله شيئا آخر.
لقد كان الضغط على هيئة الفتوى للدخول في هذا السجال بالأسلوب الذي تم مما يمكن تسميته (لا تسألوا عن أشياء...) ليس من قبيل التجاهل، ولكن الحكمة ـ في رأيي ـ تقتضي الاستمرار في إحداث التغيير في النفوس قبل النصوص، علما بأن موضوع طبيعة لباس النائبة والوزيرة، لا يرقى إلى موضوع بيع الخمر والتعليم المشترك، كونه مسألة سلوكية يصلح فيها بث القناعة أكثر من أي شيء آخر، وسأشير هنا إلى حادثة في جامعة الكويت ليس من قبيل التشابه مع وضع الوزيرة والنائبة للفارق الكبير بينهما، فقد حدث أن نادى د.موسى المزيدي إحدى الطالبات بعد انتهاء محاضرته في كلية الهندسة، وقال لها:
«أنت يا أختي العزيزة تلبسين هذا الزي (أكتافها غير مغطاة وزيها لافت للنظر) ولا تنتبهين الى أنك مثل الجوهرة الثمينة، ومع ذلك تضعينها على الأرض، وتمر الأقدام من حولها هنا وهناك فتغطيها الأتربة والوحل، هذا هو حالك عندما ترتدين هذا اللباس أمام العاملين في مواقف السيارات وغيرهم في أماكن عامة، بينما هو مصمم للمناسبات الخاصة، لماذا ترخصين بهذه الجوهرة الثمينة؟» قالت الفتاة «يا دكتور لو أن والدي طلب مني ألا ألبس هذا اللباس لما استمعت إليه، ولكنك أقنعتني، هذا اللباس لن تراه مرة أخرى في الجامعة».
صحيح هناك ضوابط في كل مكان بالعالم، لكن الأسلوب مهم جدا في قضايا كهذه.
كلمة أخيرة:
يحلو للبعض استخدام عبارات هائجة من نوع «المتأسلمون» و«ما اقترفته وزارة الأوقاف يرقى الى مستوى الجريمة» مثل هذه العبارات اذا تم توجيهها إليه اعتبر ذلك تطرفا، القراء وعموم الناس لا يستسيغون الغلو والتطرف أيا كان مصدره (مع/ ضد).