الاحتكام إلى نتيجة التصويت واعتبار هذه الأداة مرجعية ديموقراطية، هو ما ينبغي الاتجاه إليه وغير ذلك هو فهم شرقي للديموقراطية لا مكان له عند الناضجين، من جانب آخر فإن الدولة برمتها على المستويين الرسمي والشعبي تتهيأ لمرحلة جديدة من الناحيتين السياسية والاقتصادية، الأولى تتمثل في استفادة الحكومة من ملاحظات الاستجوابات، وهي ليست كلها كيدية، فهناك أخطاء كثيرة ولا يقلل من فداحتها أن أحدا يوظفها توظيفا سياسيا، ولابد من التصدي لها بحزم على أكثر من مستوى، فإذا كنا نتهيأ لانطلاقة تنموية شاملة فلتكن مشكلة محطة مشرف حاضرة في الذاكرة لما يعنيه «التصميم السيئ» من نتائج وخيمة وهو ما لا نريد أن نراه في المشاريع القادمة، وفي نفس الوقت لا يجوز أن نقلل من قيمة الانجازات، فقد رأينا من تجربة مدينة جدة مع السيول أن الكويت تتمتع بشبكة جيدة لتصريف الأمطار ومحطات معالجة للصرف الصحي منذ 30 سنة، وهو ما لا يتوافر لمدن خليجية حديثة النشأة، قل مثل ذلك عن تخطيط المناطق السكنية والطرق السلسة والنظام التعاوني..الخ، ومثلما أن هناك قصورا تجب مواجهته وفسادا لابد من تضافر الجهود لمكافحته فإن هناك انجازات يمكن أن تتضاعف إذا تهيأت الأجواء المناسبة.
في الاقتصاد، رغم شلل الأسواق إلا أن اقتصاد الكويت الرسمي هو في أحسن مراحله، ليس من حيث الفوائض فقط بل بما حققته مؤسساتها مثل الهيئة العامة للاستثمار، سواء في اقتناصها الفرص (بيع سيتي بنك بعائد 36%– شراء أصول جيدة في الصين وتركيا وغيرها) مما أدى الى تحسين العوائد في ظروف أزمة عالمية غير عادية، الهيئة العامة لشؤون القصر مثال رائع آخر جمع بين رعاية شريحة هامة بكل ما في كلمة رعاية من معنى، إضافة الى حماية مدخرات تلك الشريحة من تقلبات الأسواق رغم حدتها.
ليست المسألة تفاؤلا وتشاؤما بقدر ما هي الحاجة الى شيء نستند اليه للقيام من عثرتنا السياسية، وقد لفت نظري الاتجاه نحو زيارات خارجية من جانب سمو رئيس الوزراء في ذروة التصعيد الذي مارسته مجموعة معارضة له، وربما ساعده ذلك على عدم الارتهان للأجواء المحبطة والإصرار على ممارسة مهامه الموكلة اليه بثقة تامة بالنفس، وهو ما ظهرت آثاره في جلسة الثلاثاء الماضي في صعوده المنصة وطرحه الإجابات اللازمة، ولا معنى لكلمة «سرية» في جلسة حضرها جميع النواب ومساعديهم، فهذه الكلمة تستخدم لشيء يحاك من وراء الجدران ولا يعلم به الا نفر محدود، وغير ذلك من التصورات هو هذر لا أفهمه، وربما انتقاص من قيمة النواب الذين حضروا تلك الجلسة.
كلمة أخيرة:
انتهت تحقيقات 8 سنوات مع الأخ فؤاد الربيعة الى براءته مما نسب اليه وتسبب في التنكيل به بسجن غوانتانامو، وانتقدت القاضية الأميركية إجراءات انتزاع اعترافات منه بطرق ملتوية، رغم أنه كان يسهم في أعمال خيرية بحتة، هذا التخبط الأميركي دفع بفلسطيني من بيت لحم الى مقاضاة محطة تلفزيونية أميركية ومذيعها الذي قابله في فندق يملكه الفلسطيني «أيمن أبوعيطة» بينما قدمه الإعلامي «ساشا كوهين» على أنه من كتائب الأقصى، رغم أنه مسيحي ولا علاقة له بتلك المنظمات (.....) وهو يطالب بتعويض قدره 110 ملايين دولار على إساءة معنوية، ترى كم يستحق فؤاد الربيعة، ومن هم مثله من تعويضات عن سنوات التعذيب والعذاب له ولأسرته؟
بهذه المناسبة أتقدم بالتهنئة لأسرتك ولشخصك الكريم، أخي فؤاد، وللأخ المكافح خالد العودة جزاه الله خيرا، فقد عوض عن تقصيرنا في قضية عادلة، ونتمنى أن تتكلل جهوده بعودة ابنه العزيز فوزي العودة الى ذويه سالما غانما، بإذن الله.