د.فيصل مرزا - مستشار في شؤون الطاقة وتسويق النفط
سعر خام برنت يتخطى حاجز الـ 70 دولارا مجددا بعد ان تخطاه قبل نحو شهرين، وتراجع عند مستوى 65 دولارا لقرابة الشهرين. وقد يكون الهبوط المفاجئ في مخزونات النفط الأميركية بنحو 2.6 مليون برميل له دور في ارتفاع الأسعار، وأيضا تراجع مخزونات البنزين والديزل - ولكن السبب الأهم الذي أعطى الأسواق الطمأنينة ودفعة معنوية نحو الاستقرار هو تصريحات ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان أثناء اجتماعه مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب، حيث أكد أهمية استقرار الأسواق بالحفاظ على مستويات أسعار نفط تدعم استثمارات المنبع.
عند الإغلاق الأسبوعي، ارتفع خام نايمكس إلى 65.88 دولارا للبرميل، وارتفع خام برنت 70.45 دولارا للبرميل، وتوسع الفارق بين الخامين إلى 4.57 دولارات للبرميل هذا الأسبوع!
عند بداية العام وصلت الواردات الصينية من النفط الأميركي الى مستويات قياسية، واستغل ذلك الإعلام النفطي الغربي للترويج بأن صادرات النفط الأميركي إلى الصين قد دفعت بصادرات النفط من المملكة العربية السعودية إلى المرتبة الرابعة على قائمة اكبر مصدري النفط الى الصين. وبطبيعة الحال، فهذه الأخبار للاستهلاك الإعلامي فقط لأن إمدادات النفط السعودي إلى الصين بقيت على مستويات ثابتة على مدى سنوات بنحو مليون برميل يوميا - حتى يناير 2018، صادرات النفط السعودي إلى الصين كانت 1.01 مليون برميل يوميا - وفي النصف الأول من عام 2017 كانت 1.07 مليون برميل يوميا إلى الصين. ويبدو أن الزيادة في صادرات النفط الأميركي إلى الصين مرتفعة من حيث النسبة المئوية، ولكنها متدنية مقارنة بالموردين الآخرين. ففي النصف الأول من عام 2017 - استوردت الصين 123 الف برميل يوميا من أميركا. أما في يناير 2018 ارتفعت إلى 473 ألف برميل يوميا. (زيادة 300%) - ولكن في الواقع فهي تقدر بنحو 350 ألف برميل يوميا - وجاءت أميركا في المرتبة الثامنة على قائمة الموردين النفط إلى الصين.
في مقدمة قائمة الموردين للصين في شهر يناير 2018 تأتي روسيا بنحو 1.3 مليون برميل يوميا - منها 600 ألف برميل يوميا من مزيج إسبو الروسي القادم من عبر خط أنابيب من شرق سيبيريا. واحتلت أنغولا المركز الثاني بنحو 1.1 مليون برميل يوميا، بينما احتل العراق المركز الثالث بنحو 1.05 مليون برميل يوميا. ولم نقرأ هذا الزخم الإعلامي من الإعلام النفطي الغربي عن ترتيب موردي النفط الى الصين في أكتوبر 2017 - عندما تصدرت روسيا موردي النفط بتصدير 1.099 مليون برميل يوميا - في حين جاءت السعودية في المرتبة الثانية، بفرق بضعة آلاف من البراميل بتصدير 1.091 مليون برميل يوميا. وجاءت أنغولا في المرتبة الثالثة بنحو 843 ألف برميل يوميا، بينما احتل العراق المركز الخامس بنحو 626 ألف برميل يوميا وكانت أميركا آنذاك في المرتبة العاشرة بـ 208 آلاف برميل يوميا. يبدو أن وسائل الإعلام النفطي الغربي لم تجد الكثير للكتابة عنها، على الرغم من أنها كانت تقريبا 70% زيادة على صادرات أميركا من النصف الأول من عام 2017. ولكن لم يتم طرح ذلك إعلاميا.
ويأتي الارتفاع الكبير في صادرات النفط الأميركية بسبب رفع الحظر المفروض على تصدير النفط منذ عام 1975 حتى نهاية عام 2015 - لم يسمح القانون الاتحادي الأميركي بالتصدير إلى أي دولة غير كندا.
وساعد الفرق السعري بين خام برنت وخام غرب تكساس الوسيط (نايمكس) خلال عامي 2017 و2018 على جاذبية أسعار النفط الصخري الأميركي المرتبطة بخام غرب تكساس الوسيط. بالإضافة إلى ذلك، تم الانتهاء من البنية التحتية لتمكين ميناء لويزيانا LOOP لتحميل ناقلات النفط العملاقة VLCC - والتي ساعدت على خفض تكاليف شحن النفط.
والحقيقة، أنه على الرغم من الزيادة في صادرات النفط الأميركي إلى آسيا في فترة قصيرة نسبيا، وحتى لو كانت على الأرجح أكثر تعزيزا، فإن صادرات النفط الأميركي لن تؤثر بأي شكل من الأشكال على حصة السوق السعودية أو حتى حصص أعضاء أوپيك في أسواق النفط، لأن النمو القوي القادم في الطلب على النفط قادر على استيعاب اي زيادة في إمدادات النفط التقليدي وغير التقليدي.
وفي الختام، فإن وسائل الإعلام النفطية الغربية ليست متسقة في تقديم التقارير التي يشوبها الكثير من التناقض، لكنهم يستفيدون من مدى انتشارهم العالمي في وضع المواد المثيرة التي تفتقد إلى الحقائق.
في السابق، شغل المناصب التالية:
٭ مدير تسويق النفط الخام في أرامكو السعودية في آسيا والمحيط الهادئ
٭ مدير دراسات الطاقة في منظمة أوپيك
faisalmrza@