فارس السبيعي
نورية الصبيح، تدرجت بشكل طبيعي في عملها حتى ترأست وزارة التربية، ولم يخبر عنها أنها قفزت على المنصب أو تسلقت إليه تزلفا، تم اختيارها من قبل رئيس الحكومة، وهي بحق يطلق عليها «بنت الوزارة» حيث إنها تعرف معرفة تامة كل أسرار العملية التربوية، عاصرتها عندما كنت أعمل في المجال التربوي وهي مديرة لمنطقة حولي التعليمية، وكان صيتها يسبق فعلها! جميع مدراء المدارس يحسبون لها ألف حساب! كانت دقيقة في عملها، حاسمة في قرارها، جادة في سعيها، منصفة للمظلوم إذا اقتنعت، ولم يكن لأم عادل من المشاكل سوى فهم طبيعة العمل و قوة الشخصية التي لا يحبها الكثير من الناس فنحن شعب ابتلينا بالفوضى وكره النظام، وكسر القوانين، ولذلك لا يصلح لمنصب وزير التربية والذي يتعلق به مصيـر كل بيوتنـا من تلاميذ أو هيئـة تدريسيـة أو إدارية إلا وزيـــر «منبطح» يرفع راية التسليم منذ اليوم الأول لتوليه الوزارة فالصبيح تنتمي لعالم البشر تصيب وتخطئ، وتقوى وتضعف، وقد ينحرف أحيانا قرارها نتيجة لضغوط عليا أو انفعالات نتيجة لتلك الضغوط غير المحتملة، ولكن من الإنصاف والعدل أن يقاس المسؤول بميزان العدالة والإحسان وهو مقارنة الحسنات بالسيئات.
إن ما تتعرض له نورية الصبيح يعجز عن تحمله عظام الرجال، وإن سياسة التهويل النيابية والصحافية تتسبب في ضياع البلد برمته! والمحاسبة والمراقبة مطلوبة من النائب على الدوام ولكن في حدود المنطق والعقل والقانون وبشفافية كاملة بعيدا عن الشخصانية والمصالح الانتخابية.
إن المسؤول عما حدث في الآونة الأخيرة من أحداث يندى لها الجبين ليست إدارة المدرسة! ولا مدير المنطقة التعليمية! ولا حتى الوكيل المساعد أو الوزيرة! بل المسؤولية مسؤولية مشتركة يتحملها الجميع وهي مسؤولية قرار استقدام العمالة البنغالية التي أكلت الأخضر واليابس وعاثت في الأرض فسادا، فهذه العمالة التي يفوق تعدادها 250 ألف عامل منتشرة في كل البلاد في المستشفيات والبلديات والمخافر والمدارس والمساجد وشبرات الخضار وغيرها، يحدث منها كل يوم أبشع الجرائم الأخلاقية والجنائية من سرقات أغطية مناهيل الصرف الصحي، و بعثرة ونبش أكياس القمامة، وتشليح الدواوين والخيام أمام منازل المواطنين، وخطف الخادمات الآسيويات وبيعهن في سوق النخاسة! وصناعة وبيع الخمور. وقتل بعضهم بعضا. إلى غير ذلك من الممارسات التي تهدد أمن واستقرار المجتمع، ومع ذلك فإن أعدادهم في تنام، وهناك الكثير من مصاصي الدماء البشرية من أبناء الوطن من أكابر القوم يجلبون هذه العمالة بأرخص الأثمان ويتقاضون عنهم مئات الألوف! ونتيجة لعدم حصولهم على رواتبهم بانتظام قاموا بالانحراف السلوكي في بلد المسامحة وعدم تطبيق النظام!
وأنا في هذا المقام لا أهون الحدث المؤسف، فهو خطب جلل، وفاجعة لكل شريف ولذوى الأطفال خاصة،أعانهم الله، ولكن استجواب الوزيرة لهذا السبب خطأ! وإحداث أزمة سياسية في البلد! وتكالب غالبية القوى السياسية ضد الوزيرة من أجل التلميع والدعاية والإحراج منطق أعوج! وهذا ليس هو الحل الصحيح لأن الله تعالى يقول (لا تزر وازرة وزر أخرى) ونحن أمة ميزانها العدل والإحسان، فربما تكون الوزيرة تعجلت في ردودها بادئ الأمر مما أثار حفيظة البعض! ولكن الضغط الذي واجهها تعجز عن حمله الجبال الراسيات!
ولما كان الغالبية يريدون رأس الوزيرة إما بالإقالة أو الاستجواب وطرح الثقة فإنني أضم صوتي مع صوت المطالبين للوزيرة بالرحيل لا لفشلها ولكن لكي ترتاح! فاستريحي يا ست نورية وأريحي فما في الحمض من أحد! وقدميها استقالة لا إقالة فالراحة كما قيل نصف القوت!
آخر رمسة
السبب الرئيس لمشكلة التعليم في الكويت هو عدم استقرار وزراء التربية المتعاقبين عليها، ولذلك اقترح على الحكومة إلغاء وزارة التربية من الهيكل التنظيمي للدولة على غرار وزارة التخطيط وتحويلها إلى هيئة عامة للتربية والتعليم.