انطلق قطار الحياة البرلمانية الكويتية من جديد بعد توقف قصير لإجراء الانتخابات التي أفضت إلى وصول بعض الوجوه الجديدة والشابة للظهور تحت قبة قاعة عبدالله السالم وشهدت كذلك عودة بعض النواب السابقين لاعتلاء الكراسي الخضراء بمجلس الأمة الموقر، خمسون نائبا حازوا ثقة الشعب الكويتي وحظوا بشرف تمثيل الأمة خلال الأربع سنوات المقبلة ومواصلة التجربة الديموقراطية الكويتية التي وضع الآباء والأجداد لبنتها الأولى حتى أصبحت مثار إعجاب إقليمي ودولي.
وتعد التجربة الديموقراطية البرلمانية الكويتية هي الأقدم بين دول مجلس التعاون الخليجي، حيث تأسس مجلس الأمة الذي اطلق عليه في بدايته المجلس التأسيسي سنة 1962م.. وكانت مهمته وضع الدستور وترسيخ مبادئه واستمر لمدة عام، ثم في عام 1963م انعقد أول مجلس أمه.. أي ان في عام 1962م كانت وظيفة مجلس الأمة وضع الدستور والقوانين الأساسية فقط.. ثم أجريت الانتخابات بعد الاستقلال في يناير 1963م لاختيار أول مجلس أمة فعلي يقوم بالرقابة والتشريع، وتوالت بعد ذلك المجالس النيابية وترسخت المسيرة الديموقراطية في الكويت برعاية الشيخ عبدالله السالم ومؤازرته.
وشرفت الجلسة الافتتاحية الأولى لمجلس الأمة بحضور حضرة صاحب السمو أمير البلاد ـ حفظه الله ورعاه ـ الذي اعلن افتتاح دور الانعقاد العادي الأول للفصل التشريعي الخامس عشر لمجلس الأمة موجها كلمة تضمنت بعض نصائحه وتوجيهاته السامية لنواب الأمة ولعموم المواطنين أن يضعوا مصلحة الكويت نصب أعينهم وأن يجعلوها المعيار الأول لكل ما يصدر عنهم بمعزل عن الاعتبارات الشخصية والعائلية والفئوية والطائفية والقبلية والطبقية وضرورة تحمل المواطنين مسؤولياتهم الوطنية في رفض دعوات الفتنة البغيضة وشق الصف والتعاون التام مع الجهات المختصة لحفظ امن الوطن واستقراره، كما أشار سموه خلال كلمته إلى الأخطار المحدقة بالوطن من كل جانب وضخامة التحديات التي تعترض مسيرتنا وتعرقل سعينا الدائم لحماية امن الوطن واستقراره وإسعاد المواطنين وحفظ كرامتهم وضمان مستقبل كريم لهم ولأجيالهم القادمة، ووجه سموه بأن التنمية المستدامة هي هدفنا الأول وغايتنا الأسمى في الحاضر والمستقبل وهي التحدي الدائم الذي يقرر مصير الوطن والمجتمع، وأكد سموه بأن أولوية قضايا الأمن والإصلاح المالي الاقتصادي ومواجهة آفة الفساد بلا هوادة لا يعني أبدا نسيان أو إغفال ما يعانيه وطننا من علل وما يوهن مجتمعنا من أمراض مزمنة مما يستدعي وضع برامج وخطط علمية مدروسة بعيدة المدى لعلاجها والقضاء عليها وإنقاذ الوطن والمجتمع من شرورها، وفي مقدمة ذلك ضرورة تطوير وزيادة الاهتمام برعاية الشباب والاستماع إليهم ومشاركتهم وتربيتهم على الاعتدال وتحصينهم ضد التطرف والفكر المنحرف وتثقيفهم على قبول الاختلاف والرأي الآخر وتعدد وجهات النظر وتعزيز روح التعاون والعمل الجماعي، ويجب فتح أبواب المستقبل أمام الشباب وإيجاد فرص عمل حقيقية لعشرات الآلاف الذين يدخلون سوق العمل كل عام.
من جانبنا، نتوجه الى نواب الأمة الأفاضل بخالص تهانينا لأنهم حازوا ثقة الشعب الكويتي وارتضى بهم ليمثلوه تحت قبة قاعة عبدالله السالم خلال الأربع سنوات المقبلة وندعوهم إلى وضع كلمات صاحب السمو نصب اعينهم نبراسا يضيء لهم طريقهم ويعينهم على حمل الأمانة التي حملوها وخدمة وطنهم والعمل على رد الجميل للوطن والمواطنين جراء الثقة الغالية التي نالوها وحصلوا عليها وأن يجنبوا خلافاتهم إن وجدت بينهم وأن يكونوا صوتا لجميع أبناء الكويت على اختلاف توجهاتهم وأن يبذلوا قصارى جهدهم لرفعة الوطن وإعلاء شأنه بين الأمم.