نظر إليها نظرة غدر ودهاء وراودها كثعبان جائع بالرغم من أنه لم يشعر جوعا قط، كيف ذلك وهو فاحش الثراء وكأنه في جنة الخلد يجد بيده ما يحلم به في سرعة البرق دون جهد أو انتظار.
كان تحت تأثير المخدر هو وزميلته فأجهز عليها سارقا منها عذريتها، أفاقا على كابوس أسود ربما يكون خطوة البداية لخروجهما من تلك الجنة الزائفة، لكن لم يفرق الأمر معهما شيئا لأنهما لم يتذوقا للخسارة طعما، ولم يفقدا شيئا إلا وعوضهما أبوها بأفضل منه، لكن تلك المرة أبى الستر أن يكون حليفهما، فحينما ظهرت آثار فعلتهما، وقدر الله لهما حادثا فضح الأمر.. أتاه والده معاتبا بسؤال كاد يفقده عقله، لم..؟!
لم فعلت ذلك؟ لماذا تريد أن تجعلني أخسر اسمي وسمعتي وكل ما حققته في حياتي وأنا لم أتوان في تلبية كل ما تحلم به؟!
وإذ بالابن يصعق أباه المسكين بما لم يتخيل أن يسمعه يوما منه، قال له: تلك هي المشكلة، انك لا ترفض لي شيئا، وطالما انتظرت أن أسمعها يوما منك..!
وفي النهاية قتل ذلك الابن نفسه وخسر الأب مكانته المرموقة في المجتمع.
تخيل أن يكون كل ما يؤرق راحة ابنك هو انك لا ترفض له طلبا!
صرنا لا نعلم الغنى أفضل أم الفقر، بعض الأسر التي تعتلي الطبقة الأعلى في المجتمع تعمل جاهدة دون كل ولا ملل كي توفر لأولادها ما تشتهي أنفسهم من ملذات الحياة، متوهمين أنهم بذلك يعطون أولادهم كل ما يحتاجون في تلك الحياة لكنهم يصعقون عندما يخطئ أولادهم باستهتارهم بالمجتمع والدين والخلق وبآبائهم الذين يفنون أنفسهم من أجلهم، بعض الآباء يرتشي أو يسرق أو يشهد زورا أو حتى يقتل لكي يوفر لنفسه وأولاده ما تطيب لهم أنفسهم لكنهم يغفلون قاعدة «ما بني على خطأ ما نهايته إلا باطل وخسران»، أيها الأب اتق الله في نفسك وولدك ومجتمعك، الحرام لا يروي ظمآن ولا يطعم جائعا، ولا يربي من كان أبوه سارقا أو خائنا أو كذابا ومرتشيا.
وعليك أن تعلم علم اليقين أنك وإن جمعت ما بالدنيا من ثراء ونصبت في أعلى المناصب لن تشبع نفسك ولن يشكرك أولادك بل أنت تدمرهم وتهلك نفسك، الحرام لا يدوم ولا ينفع لكنه يفسد آكله وذريته من بعده الدنيا والآخرة مهما طال به الأمد.
جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أيها الناس إن الله طيب لا يقبل إلا طيبا، وإن الله أمر المؤمنين بما أمر به المرسلين، فقال: (يأيها الرسل كلوا من الطيبات واعملوا صالحا إني بما تعملون عليم)، وقال: (يأيها الذين آمنوا كلوا من طيبات ما رزقناكم)، ثم ذكر الرجل يطيل السفر، أشعث أغبر، يمد يديه إلى السماء، يا رب، يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، وملبسه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك» (أخرجه مسلم في صحيحه).