من أقوال الحكماء: القناعة كنز لا يفنى، هذه الحكمة لا يدرك معناها ويعمل بها إلا القليل، وغفلنا عن حقيقة أن ما كان يملكه الملوك قديما ولا يمتلكه غيرهم من الرعية يوجد في بيوتنا جميعا الآن ببساطة! بل وأصبحت من الأساسيات المنزلية في زماننا هذا، ينالها الإنسان الغني والفقير على حد سواء!
ولو كنا في زمانهم ما حلمنا بامتلاكنا ما كانوا يملكونه: مثل ريش النعام الذي كانوا يتنعمون فوقه الآن نجلس عليه داخل أريكة بيوتنا، والمياه الباردة التي كانوا يستقونها في أفخم أنواع الفخار تملأ ثلاجاتنا.
والعبيد الذين كانوا ينحصر عملهم بدفع الهواء عليهم بالريش ليشعروا بالبرودة نستمتع به الآن في شكل المكيفات الهوائية في بيوتنا من غير حول ولا قوة تذكر غير شراء جهاز بمبلغ زهيد!
والمحمل الذي كان يحمل الملوك فوقه على أكتاف العبيد الآن تحملنا السيارات والطائرات بكل يسر وأمان وفعالية، تلك النعم التي نتمتع بها الآن، لم يحلم بها الملوك في زمانهم!
كل ذلك نتيجة تيسير الله وهداه ورحمته بنا.
لنا الآن الكثير والكثير من النعم التي نتمتع بها والتي لو رأتها أعيننا واستشعرناها بجوارحنا وشكرنا الله عليها لزادنا بالكثير، لكن هذا ينبع من كنز ثمين لا يمتلكه إلا القليل من الناس الذين يستشعرون جمال نعم الله ولطفه وكرمه، قلوب هؤلاء أنقى من الماء العذب وعيونهم لا ترى إلا الجميل ودواخلهم تزينت بكنوز نادرة على رأسها القناعة.
والتي حرم منها كثيرا ممن يمتلكون الجاه والمال والسلطة وكثيرا من نعم الله لكن لا تكف نفوسهم عن الطمع بالمزيد، هؤلاء في الأساس فقراء، فمهما رزقهم الله من فضله لا تشبع نفوسهم قط، ولا تمتلئ عيونهم حتى ولو امتلكوا الدنيا وما فيها، فهذا هو المسكين.. لأنه ابتلي بالأمراض النفسية والقلبية، وفقير..لأنه افتقر لغنى النفس وجمال الروح.
فهلا استشعرنا حلاوة وعمق وصدق كلمة الحمد لله، ورأيت كم أنت منعم بأفضل مما تنعم به الملوك في الأزمان الماضية، وقد عصمك الله من كثير من شقاء قد ابتلي به غيرنا وننعم بأمان قد حرم منه غيرنا؟!
فاشعل قناديل الحمد والرضا داخلك واملأ بها دواخلك كي تشعر بسعادة ويعطيك الله من فضله الذي لا ينفد.
[email protected]