كان الطقس ساحرا فتذكرت صديقي الذي أعشق مجالسته والتحدث معه دون صوت، شعرت به يداعب مسامعي ويراود روحي للذهاب إليه.. فانطلقت مسرعة لأشبع حنيني وألبي نداء صديقي، وبعد أن انتهينا من حديثنا المطول كعادتنا، جلست أتأمل لحظة الغروب وملاصقة الشمس بلونها الأحمر الجذاب طرف وجه صديقي الخلاب، تلك اللحظة التي تخلق في الروح راحة وطمأنينة مع نسمة الغروب اللطيفة الهادئة التي تأخذك لعالم الجمال والتأمل لصنع الخالق العظيم.
ثم على حين غرة مني تقرب إليّ طفل صغير وأعطاني قطعة «شوكولاتة»! بابتسامة رقيقة رسمت على وجهه البريء، سمعت والده الذي كان يقف على مسافة ليست ببعيدة يقول: «نحن اليوم ننشر السعادة» ثم تابعوا طريقهم! حقيقة هذا الموقف الأول من نوعه الذي أشهده في حياتي، وتلك الجملة التي هز صداها أعماق دواخلي دفعتني لمعرفة ما يجري ومن هذه الأسرة الجميلة التي اقتطعت من وقتها ووضعته في عملا رائعا مثل ذلك! انتظرت حتى انتهوا من نشاطهم ثم انطلقت وراءهم مسرعة حتى لا أفقدهم وأخسر تلك الإثارة والروح الرائعة التي قابلتها اليوم، ناديتهم فجاءوا إليّ ملبين، قلت: حقيقة أدهشني ما بدر منكم، يا له من عمل جميل رائع، إن كان في الإمكان التعرف إليكم ومعرفة ما تحاولون فعله، رحبوا بذلك وبعد التعرف، تحدث الأب قائلا: قمنا بتجربة وهي محاولة تعريف الناس معنى وقوة تأثير الكلمة، عن طريق مهاتفة شخص ما يختارونه ويقولون كلمة من ثلاثة:
٭ الأولى: وحشتني.
٭ والثانية: أعتذر.
٭ والثالثة: شكرا.
وضعنا لاصقة بتلك الكلمات والمكافأة المخصصة لكل كلمة منها على عربة آيس كريم، لم نجد تفاعلا جيدا، فقررنا الذهاب نحن إليهم، ونقوم بنشر السعادة بأنفسنا، طلبنا من صغيرنا توزيع شوكولاتة على جميع الموجودين فقط لننشر السعادة.
مضينا وقتا طويلا نسأل المارة والجلوس، منهم من اعتذر ومنهم لم يهتم، بينما تجاوب اثنان فقط اختارا كلمة «وحشتني» ولم يختر أي شخص الكلمتين الأخريين، قلت له نعم: لأن كلمة وحشتني هي الأسهل! وتلك هي طبيعة النفس البشرية يثقل عليها الاعتذار والشكر.
فواصل: غالب ردود الفعل تعجب وتساؤل لم تقومون بذلك فنجيب «نحن ننشر السعادة» سألته: هل قمتم بنشاط مماثل سابقا؟!
قال: نعم.
قلت: هل كلها ميدانية؟
فأجاب: البعض منها ميداني ومنها نقوم به على صفحتنا على «الفيسبوك».
الأخ الأستاذ تامر سلامة عجزت الكلمات عن ترجمة شكري وامتناني، فما تقوم به عمل رائع يبث روح المحبة وصلة الرحم والتعاون والسعادة بين الناس، أنتم مثال لأب وأم صالحين تحاولان تنشئة طفل سوي يربى على العطاء وحب الآخرين، حقا أدخلتم السعادة إلى قلبي وأرسلتم له سهام الأمل بغد مشرق مفعم بالخير.
[email protected]