قالت النملة للفيل الضخم الأصيل: ألا تحملني فوق رأسك أيها الفيل؟
سخر منها قائلا: ألا تخشين السقوط.. أيتها القزمة اللقيطة سارقة طعام الخنزير؟!
نظرت إليه نظرة حقد وكره ووعيد..
قالت له:
أتسخر مني لفقري وصغر سني وحجمي الضئيل؟!
غدا سترى ما تصل إليه تلك اللقيطة يا عم فيل..
شعر الفيل بأنه أثار غضبها وخشي على نفسه مما قيل..
فطأطأ لها رأسه وهيأ لها بيتا بين عينيه تحت الهامة بقليل..
ومضى في طريقه مطمئنا يمدها بالغذاء والماء وأخذ يحميها من برودة الليل..
حتى إذا اشتد عودها أخذت تأكل من جسده حتى سرقت بصره، فأمسكت بلجامه وبدأت المسير..
قال لها: يا ناكرة الجميل قد آويتك ومددتك بالغذاء والدفء الثقيل..
قالت له: عايرتني وسخرت مني بالأمس، اليوم أسخر منك أيها العجوز الهزيل..
بدأت النملة تبحث عن حلفاء لها حتى تجهز على الفيل..
فجمعت له وحاصرته وهو ملقى لا يقوى على الحراك والكلام القليل.
قالت له: أنت من أعطاني فرصة للحديث وسمعت العويل..
أنت من قلبك يسبق عقلك في الفكر والقيل..
أنت من آمنت بي وآويتني وأنت تعلم أني العدو الرزيل..
فتعالت عليه ورفعت رأسها الذي جاء من إناء الخنزير..
وتحدته بثقة في الفوز الساحق المرير..
بعد أن رأت في عينيه ضعفه أمام السلطة والدنانير..
فألقت له الطعم كي تمسك بلجامه وتسير..
وتجره وراءها وهي تصيح بفرح شق الصخر الحجير:
أنا نملة كنت أخطف طعام الخنزير..
الآن أنا ملكة أسير ومن ورائي الفيل..!
الذي كان ملكا يملك الأقطار والنيل..
ضحيت به صباح العيد وهو أسير كالأسد بعد أن فقد نابه الأزرق الطويل.
ودمرت بلاده طمعا في الخيط وزيت القنديل.
وشام سرقت عروسه المزينة بالحلي وجبل الجنة الوتيد.
وقاهرة المعز انتزعت تاجها وكسرت ساقها فأصبحت تسير بوهن أدمى قلبها العليل.
وبلاد الزيتون قتلت صغيرها وحرقت غصنها وسرقت بساطها فباتت في العراء بلا بيت وفرقة وتخوين.
ومغرب شوهت لغته ودفنت عروبته وأطلقت عليه عباد السلطة والمزامير.
أنا النملة التي حققت ما لم يحلم به الشياطين.
أنا النملة التي لا تقهر كنت لقيطة بلا أهل ووطن وطين.
أصبحت أنا السيدة أشير بإصبعي لساحري البرتقالي وعصاه الماكرة المكينة.
ليحقق لي حلما رأيته وأنا جنين في رحم أمي الذي لفظني في إناء طعام الخنزير.
أنا النملة اللقيطة.. أصبحت أنا رأس الفيل وأصبح هو سجيني الفقير.
أنا النملة الضعيفة أصبحت الملكة أمسك لجام الفيل العليل.
لم تكتف النملة باعتلاء رأس الفيل.
بل صاحت في البلاد بكبر دون حياء وخوف من أصحاب الفيل:
أرأيتم ماذا فعلت بفيلكم العربي الأصيل؟!
أرأيت ما آلت إليه المقادير يا عم فيل؟!
[email protected]