الأخلاق هي كلمة ذات مفهوم واسع فضفاض، يصنف معاني ومترادفات عديدة، كثيرة ومختلفة، وفي مئات المعاجم والأنطولوجيا العربية، لكنني مازلت اعجز عن فهم لِمَ تم اختزال مفهومها من قبل الأغلب بصورة صغيرة جدا ومحصورة بين قوسين؟
صورة جعلت الكثير من الأشخاص على أساس اختزالها هذا، يقيمون حتى البلدان، والأوطان والمجتمعات، بطريقة محدودة، وقد تكون مخزية أحيانا، لأنها بعيدة كثيرا عن العمق الأخلاقي في جميع حالاته ومواضعه، وبعيدة عن أهمية دوره في الصلاح والتطوير للأفضل والأرقى، وبشكل عام.
ذلك لأن وحده هذا التسطيح ما جعلنا - إلى حد ما - نحدد صلاح وفساد الأشياء وما حولها، ومنها الوطن والمجتمع، فقط في امور معينة، لا يغفل عنها حتى الجاهل، فنقوم بوضع خط احمر تحت هذا المفهوم فقط! متجاهلين البقية الكثيرة للأخلاق.
فهناك العديد مما ينحدر تحت مفهومها، منها وعلى سبيل المثال: الانحطاط الثقافي، الفساد، النهب والسلب، القسم كذبا، الريعية والسرقات، اللف والدوران، التماهي والتمادي حتى على حق الوطن ومجتمعه، التمسك بالنرجسية الاستعلائية المقيتة وغيرها... إلخ. فهذا التسطيح للمفهوم الحقيقي هو ما جعل الكثير يتجاهل قيما أخرى أهم وأسمى من غيرها كـ (الإخلاص، الصدق، الضمير في العمل، الأمانة، الاستقامة، الصراحة، العدل والمساواة)، والكثير الذي لا يسع المقال لذكره.
فليتنا اختزلناها لصلاح بلدنا، وفساد ما حصل به، وليتنا اختزلناها لنكون الأفضل والأحق في التمكين في ارضنا الحبيبة.
فإلى متى ونحن ننظر ونتأمل بهذا وذاك، ونحن على علم اليقين بتخبط تصريحاتهم وقراراتهم، وفي كل ما يخص قضايا الكويت ومواطنيها؟ ففي سورة الإسراء: (وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا) وفي سورة القصص: (وكم أهلكنا من قرية بطرت معيشتها)، هذه أمثلة للاستدلال على أن الفسق والفساد والسلب والبطر من مسببات هلاك الأمم، فما بالكم بما يحدث في كويتنا الحبيبة؟! فعلينا أن نقيّم أخلاقنا بطرق أشمل وأعمق، كي لا نحتاج لا إلى الغرب أو أي حضارة أخرى لترشدنا كيف نحافظ على وطننا، وننقيه من الشوائب وما تشملها من خرابات جمة!