وما اكثرهم أولئك الأشخاص الذين دائما ما يشعرونك بأن الدور المناط بهم في هذه الحياة فقط هو التلذذ والاستمتاع بكسر ذوات الآخرين غيرهم، والاستهزاء بهم والتقليل من سعيهم وإنجازاتهم ونجاحاتهم، ليفرغوا سلبية شحناتهم الموجودة بداخلهم فيهم، وكي ينفسوا أيضا عن صغير خبايا مكنوناتهم.
وبكل جهد عظيم يحاولون ان يحطموهم ويحاربوا جميع جهودهم وكل ما يميزهم.
فلا أدب ولا حتى أخلاق للأسف تمنعهم او توقفهم عند حدهم، فأصبحت انت بالنسبة لهم، كالوعاء الذي يصبون فيه كل حسدهم، الذي كان وراء نقصهم وحقدهم، ووراء رذالتهم.
أناس تافهون، ساقطون، لا هدف يملكونه في هذه الحياة سوى سرقة سعادة وفرحة غيرهم، للتنكيد والتخريب عليهم، ولتعكير مصالحتهم مع ذاتهم، والتي من خلالها استطاعوا تحقيق إنجازاتهم ونجاحاتهم، والتي وان كانت بسيطة، لكنها بلا أدنى شك تعني لهم الكثير، وهذا ما لم يستشعروه هم للأسف أو حتى يحاولوا فهمه.
يقول الشاعر أبو الحسن التهامي:
إني لأرحم حاسدي لحر ما
ضمت صدورهم من الأوغار
نظروا صنيع الله بي فعيونهم
في جنة وقلوبهم في نار
ففي دنيانا هذه وبشكل عام، نجد الأغلب يسعى وراء الصلح والسعادة الحقيقية والسلام الداخلي، لأنه يؤدي إلى طريق الانسجام والسكينة، وتحقيق الذات في حياة كل شخص منا، بالرغم من بعض الصراعات والصعوبات التي قد نواجهها، وبالرغم أيضا من بعض مشاعر الانزعاج، الغضب، الاستياء، التنافر والمعاناة أحيانا، التي نمر بها، إلا تلك الفئة المتهالكة وغير المرغوبة حتى اجتماعيا للأسف، لا تجدها تسعى إلا وراء التعاسة المشحونة بالكره والبؤس والانزعاج، بسبب نفاذ بصيرتهم إلى واقع طبيعتهم.
فهم يواجهون صعوبة كبيرة من التخلص من معاناتهم تلك، ويعجزون عن تحقيق هدف واحد من أهدافهم، لأنهم لم يفكروا في يوم من الأيام أصلا بها، كي يطوروا من انفسهم، ولن يلتفتوا بتاتا لها، ذلك فقط لأنهم جعلوا من حياتهم كالمستنقع، لكل ماهو مشين ومؤذ وجارح لغيرهم، بسبب عدم كفاءتهم، وعدم قدرتهم على التحرر من قيودهم وعقد الصلح مع انفسهم، فصار هذا بالنسبة لهم، ملاذهم الوحيد.
يقول الشاعر محمود العقاد: ليس الحاسد هو الذي يطمع أن يساويك بأن يرقى إليك، بل هو الذي يريد أن تساويه بأن تنزل إليه.
لذلك إياك أن تجعلهم يجرونك لدناءة مستواهم، وان كان خبثهم وتصرفاتهم وأهدافهم للنيل منك ولإحباطك واضحة، تغاضى عنهم ولا تسمح لهم بأن يجعلوا منك سدا منيع ليغطوا به نقصهم الفظيع، بل اجعلهم هامشا وكأنك لا تراهم أو حتى تسمعهم.
فيكفيك إدراكك لتوتراتهم الداخلية، والتي جعلت منهم أشخاصا ذوي نهج وفكر عقيم، مضطربين وبائسين غير مسالمين وسعيدين، ذلك بسبب نتاج جهودهم المستديمة التي رسخوها وبإيمان أعمى، لإحباط وإزعاج هذا وذاك.
فلا تعرهم أدنى اهتمام، بل ابتسم لما تسمعه منهم، وكن واثقا شامخا أمام كلماتهم، واجعل منها حافزا عظيما يقودك في كل لحظة وفي كل ثانية إلى جهد أعظم، يعزز قدرتك لكل ما يسمو بك ويميزك، ويطور من شخصك، ويكون ذا نفع عام لك.