(فلا يحزنك قولهم إنا نعلم ما يسرون وما يعلنون)، مواساة ربانية رائعة، بكل ما تحمله الكلمة من معنى، مواساة لكل ما يشغل عقلك وبالك ويستحوذ على فكرك، بسبب أقوال فئة معينة من الأشخاص، لا يستحقون ثانية واحدة من ثواني عمرك.
وكي لا تؤذي وتؤلم نفسك أيضا بكثرة التفكير، لماذا قالوا؟ ولماذا فعلوا؟ فقط اتركهم ولا تهتم أبدا بما تسمعه منهم ومن سموم أقوالهم.
فما هم إلا بشر، لا يملكون نفعا ولا ضرا، فلا تعطهم الفرصة لأن يربكوك وبكلامهم الجارح يوجعوك، وإن كانت كلماتهم مؤلمة، ولها رؤوس حادة أحدثت ثقبا كبيرا في قلبك وأحزنتك! تأكد أن الله سبحانه وتعالى دائما سيكون معك، يستحيل أن ينساك أو يخذلك.
فحين سئل أحد الصالحين: ما تظن الناس يقولون فيك؟ قال: إني لميت وإنهم لميتون، وإني لوحدي محاسب، وإنهم لوحدهم محاسبون، فما لي ومال ما يقولون؟! نعم قد يصاب المؤمن بحزن شديد بسبب تكذيب المكذبين، وبسبب أقوال وأفعال المبتعدين عن الله سبحانه وتعالى وعن كلماته، لذلك جاء هذا الخطاب القرآني ليطمئننا ويهدئ من روعنا، ويريح بالنا، أمام تكذيب أولئك المنافقين،
فكل إناء بما فيه ينضح، وكل شخص يراك بعين نفسه وعلى شاكلته، فاترك لهم إثم الظنون، وحاول انت قدر المستطاع أن تتجنبهم، وتتجنب كل ما هو سيئ ومشين تسمعه منهم تجاهك، كي لا تصبح فريسة سهلة بالنسبة لهم.
لا تتأثر بكلامهم، وكن شخصا بسيطا، عفويا، غير متكلفا لأجلهم، دعهم لله سبحانه وتعالى ولا تلتفت لهم، واعتبرهم صفحة من حياتك لا قيمة لها وانطوت.
وكما يقال: «إن صلاحيتهم انتهت، والنبض في قلبك ليس بنبضهم، والمكان في ذاكرتك ليس بمكانهم، ولم يتبق لهم بك سوى الأمس».