يخطئ من يعتقد أن التألق والنجاح يتمثل في نقطة معينة أو محطة محددة، ويخطئ أكثر حين يعتقد أنه يجب علينا تأجيل كل شيء في حياتنا وادخاره إلى حين الوصول إلى تلك المحطة! فهذا أكبر خطأ يرتكبه الكثير من البعض للأسف بحق انفسهم، وبالأخص حين يرهنون سعادتهم وحياتهم كلها من أجل هدف واحد قد لا يتحقق أو قد يصعب الوصول إليه! صحيح أن لتحقيق الأهداف الكبرى فرحة ولذة وبهجة كبرى لا توازيها بهجة، لكن أيضا يجب أن نضع في عين الاعتبار بأن التألق والنجاح الحقيقي في الحياة لا يكمن في الوصول إلى الأهداف فقط، بل يكمن في الكيفية التي من خلالها يمكننا الوصول إليها، وفي الأساليب المستخدمة والسلوك المتبع في تحقيقها، فتألقك ونجاحك كإنسان يقاس بمدى استمتاعك وفرحتك واحتفالك بكل لحظات حياتك، بنجاحاتك الصغيرة قبل الكبيرة، وبجميع انكساراتك وفشلك قبل انتصاراتك وتألقك.
يقول هارولد ميلشرت «عش حياتك كل يوم كما لو كنت ستصعد جبلا، إن نظرة من حين لآخر باتجاه القمة كفيلة بأن تبقي جذوة الحماس مشتعلة ومتقدة في نفسك»، وهذا ما هو مهم، ولكن الأهم منه أيضا أن تلتفت أنت وتستمتع بتلك المناظر الجميلة في طريقك، كما لا تنسى وأنت في عز استمتاعك لرؤيتك لتلك المناظر بأن تتسلق بهدوء واتزان، تتسلق بروية وثبات، مبتهجا بكل لحظة تمر عليك، لتشعر بالسعادة المحفزة والنشاط والحيوية وأنت في طريقك نحو تلك القمة، فهذا جزء مهم من عمرك، من حياتك، من تاريخك أيضا.
لأنك إن لم تفعل ذلك فستندم كثيرا فيما بعد حتى وإن وصلت لتلك القمة المبتغاة، فحين سئل الكاتب الثمانيني عن أكثر شيء ندم عليه بعد هذه الرحلة الطويلة من الحياة؟! أجاب قائلا «إنها تلك الأوقات التي توهمت فيها أني تعيس في شبابي»، ثم أضاف بحسرة: «لو تعود لعرفت كيف أعيشها وأستمتع بها»، فلا تعطي مجالا لمثل تلك الحسرة بأن تكون في يوما ما جزءا من حياتك.