ستواجه في حياتك الكثير من الخذلان والخيبات، وستصدم من البعض وستحزن، وستسمع للكثير من الآراء السلبية التي تقال عنك، والتي منها ما يحبطك ويكسرك، وستسمع ما ليس فيك أصلا، لكن إياك أن تستسلم وتضعف إرادتك، لا تخش أبدا صعوباتك، ولا تشغلك أحزانك عن اكتشاف أعماق ذاتك، نعم هناك أحزان وخيبات وكلمات لا تنسى، نعم هناك جروح ذات عمق كبير لا ترمم، ولغط مؤلم وضجة تحوم حولك صعب مداواتها أو التخلص منها، وهناك طعنات ستأتيك ممن وثقت بهم، والكثير والكثير من المواقف التي تمزق ضلوعك ويصرخ بها إحساسك، ما قد يجعلك مجبرا أن تحول ذلك الباب الذي اعتدت أن تجعله مفتوحا للغير في كل الأوقات إلى حائط سميك لا يمكنهم تخطيه، ذلك لأنك حينها ستكتشف أن الوحدة والبعد عنهم أجمل.
ولأن مهما فعلت وحاولت، لن ترضى الناس عنك، ولن تسكت أفواههم عنك، نعم قد يكون هذا هو أصعب شعور يمكن أن يعايشه الفرد، كونه شعورا موجعا قد يتعدى أرواحنا إلى الأمد، ولكن الطريق الوحيد لمواجهة ذلك الشعور وجميع تلك الأمور المتوالية، هو التصالح والتأقلم معها كي تكمل بقية حياتك غير آبه لها أو متأثر بها، فإن أفلح المرء في ذلك لا يعود يفاجئه شيء بعدها، وسيسمو فوق كل ما يحدث معه.
ومع مرور الوقت كن على يقين تام بأن سينزع الله سبحانه منك هذا الشعور، حتى لو طحنك انتزاعه، وسيأتي ذلك اليوم الذي تحمد الله فيه انك لم تعد عالقا ومهتما ومتأثرا بتلك الأمور، واعلم دائما وان جوزيت بعكس ما كنت تتمنى وخذلت ورأيت الناس تستغني بالدنيا عنك فاستغن انت بالله، وإذا فرحوا بالدنيا دون أن يشاركوك ونسوك، فافرح أنت بالله، وإذا أنسوا بأحبابهم وتركوك، فاجعل أنسك بالله، وإذا تملقوا وتعرفوا إلى هذا وذاك وتقربوا إليهم فقط لينالوا بهم العزة والرفعة وسرعان ما أرخصوك، فتعرف أنت إلى الله وتودد إليه تنل بذلك غاية العزة والرفعة، لذلك كن بعيدا وتأكد بأن محاولتك لإرضائهم في كل وقت، ستجعل منك شخصا يعيش وفقا لمعايير شخص آخر، بل وستستنزف أي شعور يملأك بالسعادة والأمان والطمأنينة، وستترك تأثيرات سلبية على مختلف جوانب حياتك، ومن هذا المنطلق ينصح علماء النفس بالقيام بما يجعلك سعيدا ويحقق لك أهداف حياتك وما يرضيك أنت لا ما يرضي الآخرين.
ذلك ولأنك لم ولن تسلم من غرابة أولئك البشر في حياتك ولا من تناقضاتهم المفضوحة والرخيصة، فإن حتى وان رأوك ضحكت قالوا ألا تحتشم؟ وان بكيت قالوا ألا تبتسم؟ وإن تبسمت قالوا يُرائي! وان عبست قالوا بدا ما كتم! وان صمت قالوا كليل اللسان! وان نطقت قالوا كثير الكلم! وان حلمت قالوا صنيع الجبان! ولو كان مقتدرا لانتقم، وان بسلت فقالوا لطيش به، وما كان مجترئا لو حكم، يقولون عنك وإن قلت «لا»، وإمعة وإن وافقتهم، وهناك من يسعد لفشلك، وينبذونك أحيانا لأنك افضل منهم، لذا تجنبهم وستوقن حينها أن مهما أردت رضا الناس لابد من أن تذمّ.