من الجميل والمنطقي للغاية أن نقتنع بأن الأشخاص القادرين على الشعور بالشكر والامتنان يكونون أكثر ميلا للسعادة والتمتع بالحياة من غيرهم، وينقسم شعور الامتنان إلى قسمين: الامتنان للنعم التي تمنحها لك الحياة (الرضا)، والامتنان للآخرين ولوجودهم في حياتنا باختلافهم وتميزهم عن غيرهم في كل شيء، في الحضور، والتحدث، وحتى في الفرح والبهجة التي يقدمونها لنا.
مصطلح الرضا يتحقق أولا من خلال النظر دائما لما بين يديك بدلا من الهوس بما ينقصك، وأن تعبر عن شكرك لله وللناس، وهو ما ينعكس على تلقيك للكثير من العرفان بالفضل والجميل بدورك.
ينظر الأفراد المتمتعون بهذه النعمة دائما إلى كل يوم على أنه فرصة جديدة للسعادة بدلا من القلق حيال التحديات المقبلة، وقد يكون بعض الأفراد أيضا أكثر رضا وامتنانا من غيرهم، لكن ذلك لا يمنع حقيقة أنك قادر على تغذية هذا الجانب من شخصيتك والتغيير من سلوكك الناقم الحالي، لا نقول إنها مهمة بالغة السهولة، لكنك ستمتن لنفسك يوما ما لأنك بدأت في المحاولة.
وتوقف لدقيقة وفكر في نعمة وجودك في الحياة، يمكنك في الكثير من الأحيان أن تستعيد أدراجك وتدفع نفسك نحو الشعور أنك بحالة جيدة من خلال الانفصال عن الدوامة التي تدور بها وامنح نفسك فترة راحة، واستغل حينها تلك الراحة من أجل إعادة تعريف النعم الموجودة في حياتك التي تحتاج للامتنان لها وتقديرها أو حتى لمجرد الراحة فقط لا غير، فتلك بحد ذاتها نعمة، فالراحة النفسية شعور يتمناه الكثير من البشر، ولكن يحصل عليه القليل.
ثانيا، لا تنس أن تدمج بين «العرفان بالجميل» و«رد الجميل»، فيكون جزاء الإحسان بإحسان مثله، لذا لا تكتف بالإقرار اللفظي بالجميل فقط لا غير، بل اجمع بين القول والفعل على حد سواء للتأكيد على شعورك بالامتنان والشكر لأصدقائك وعائلتك وأفراد المجتمع ككل.
العمل على رد الجميل، واحد من أفضل الأفعال البشرية على الإطلاق والتي تؤكد حرصنا على دعم أواصر المحبة والود ونشر الخير المتبادل بين بعضنا البعض، لكنه كذلك سلوك يشترط القيام به لذاته وليس من قبيل أنه «دين» عليك يجب أن تقوم بتسديده في أقرب وقت، قم برد الجميل لأن ذلك هو الصحيح وما يجب القيام به وما يجعلك تشعر بالسعادة والامتنان لذاتك كذلك.
وركز على النية من الفعل بدلا من الحكم على الفعل نفسه، عندما يقوم أحدهم بمعروف ما من أجلك «كأن يمنحك هدية أو يحضر لك وجبة طعام أو يقدم لك مساعدة في الدراسة أو العمل»، فمهما كان ما فعله كبيرا أم صغيرا، اجعل كل تركيزك منصبا على أنه حاول أن يصنع معروفا لك واحرص على أن يخصص لك من وقته أو جهده، ويجب عليك أن تقدر ذلك وتمتن له.
يضمن هذا الأسلوب من التفكير أن يعم مناخ عام من المحبة والتقدير المتبادل بين البشر وبعضهم البعض، وهو ما ينتقل إليهم من خلال أفعالك وأقوالك، كما يظهر أثره البالغ إذا كنت تطبقه حتى مع أطفالك الصغار والنشء الصغير الذي يكبر وهو مدرك لقيمة هذا السلوك الطيب.
وتوجه إلى الله بدعاء الحمد على النعم الموجودة في حياتك أو حتى أعد الكلمة على مسامعك من وقت لآخر بسبب مباشر أو بدون سبب، فيكفي أن من خلالها تستطيع تهدئة الغضب والقلق والاكتئاب وغيرها من الاضطرابات النفسية البسيطة التي قد تواجهها على مدار اليوم.