حين تتحول القيم والمبادئ الى شعارات فقط تقابلها ممارسات تخلو منها ولا تقيم لها وزنا أو اعتبارا، وحينها سنكون سائرين بعكس ما يفترض بنا السير عليه.
مجتمعنا اليوم يحتاج إلى أشخاص من ذوي الضمير الحي، أشخاص يتسمون بالكفاءة والتنظيم، يسعون للعمل بإخلاص تجاهه، ليصبح مجتمعا وطنيا حقيقيا، لا يخلو من الوعي الديني والوازع الإيماني، الذي لا يختلف عليه اثنان، فذلك الوازع هو من أهم القوانين الرادعة، التي تلازمها خشية الله سبحانه وتعالى، وتجعل كل شخص منا يتحمل أعباء مسؤوليته من تلقاء نفسه وبعيدا عن التخبطات، ليصبح انشغاله منصبا انصبابا كاملا على عمارة مجتمعه وتطويره ظاهرا وباطنا.
نعم، وطننا يستحق لأشخاص متفهمين مسؤوليتهم تجاهه، مهتمين له، مدافعين عنه، غيورين على كرامته، محافظين على منزلته، والذين لا يخافون في الحق فيه لومة لائم.
في كل زمان ومكان، هناك توزيع لأصحاب المبادئ وفاقديها، لأصحاب الحق وأصحاب الباطل، لكن النسب تتفاوت، فإن طغت الأولى فإنها رحمة من الله بأن جعل الخير يسود على يد هؤلاء الأشخاص، لكن إذا طغت الثانية فستنقلب الأمور رأسا على عقب، وسينعكس ذلك بالسلب عليه. فما قيمة الإنسان بلا مبدأ؟! ما قيمته وهو يتخلى عن «السليقة» التي خلقه الله عليها؟! وسليقة البشر التي جبلوا عليها أساسها نبتة خير زرعها المولى عز وجل فيهم، والتحدي أمامهم هو أن يحافظوا عليها ويصونوها ويتصدوا لأي مؤثرات تجعل الإنسان السوي يتحول الى آخر طماع، دنيء. فلا عيش كريما لإنسان لا يملك مبدأ ولا يملك قيما. يقينا ان العيش الكريم ليس بالمال والجاه والمنصب بقدر ما هو بالكرامة التي منبعها رضا الإنسان عن نفسه، وعن تصرفاته وأفعاله تجاه مجتمعه، وحرصه على أن ترضى أفعاله الله ولا تغضبه.
مجتمعنا بحاجة لأن يحب بعضنا البعض لأجل الوطن، وان اختلفنا، وان تصبح نفوسنا صافية من كل غل وحقد وإن تخاصمنا! ان الفجور في العداوة للخصوم ليس من شيمنا! مجتمعنا بحاجة لأن نكون واضحين صادقين حتى في مشاعرنا تجاهه، نختلف بوضوح بحسب أحواله وظروفه واصطلاحاته وأعرافه، ونحب بوضوح لأننا نتشارك بنفس هموم الوطن وآماله وأحلامه وتاريخه، بحاجة الى حب بعيد عن المصالح والتصنع والنفاق والدناءة.
نحتاج إلى كل ما سبق كي لا تضيع القيم وتقتل المبادئ ويطغى الشر ويسود الكذب ويعم النفاق، فتزيد التخبطات، وتقل البركة، ويضيع المجتمع ويزيد الفساد.