كثيــرة هي المرات التي غادرنا فيها مكانا شعرنا فيه بالضيق والغضب والاستفزاز بعد نقاش مع اشخاص مقربين لنا ولم نعرف السبب حتى! فنتهم أنفسنا بالمبالغة والحساسية، ذلك وبالاخص حين تنبهنا غرائزنا إلى انتهاك حدودنا وخصوصياتنا، أو حين تشعرنا بحاجتنا لبناء حدود كي لا نشعر بالإهانة او الضيق او الاستغفال.
والحدود ما هي الا ضوابط وقواعد يضعها كل منا في علاقته مع الآخر في محاولة لإفهامه الطريقة التي يجدر به أن يعاملنا بها، ويأتي ذلك غالبا مع ممارساتنا الحياتية لعلاقاتنا.
فمن المهم جدا أن يدرك كل منا حدوده مع الآخر، وأن يدرك الآخر حدوده معنا، وعلينا التمسك بتلك الحدود بدقة تامة للعناية بسلامتنا النفسية وخصوصياتنا، ولتفادي تراكمات الغضب والنزاع مع الآخرين.
تأكد أن عدم قدرتك على فرض حدود في علاقاتك الاجتماعية او العاطفية سيعرضك لردود فعل لا تحمد عقباها.
فيجب عليك ان تفهم وتقدر ذاتك وما هي الطريقة التي تناسبها في التعامل، كي تدرك أن الحدود التي تريدها يفضل أن تفرض في بداية كل علاقة تبدأها، ولإفهام الآخر بأن هذه الحدود في العلاقة توضع حفاظا على العلاقة لأن تكون علاقة صحية جيدة وغير متطرفة، وهي أمر ضروري في كل جوانب حياتنا للحفاظ على الخصوصية، ولتحديد هويتنا، ولتمييز شخصيتنا.
فلــيس من حق الآخرين طــرح الأسئلة الشخصية علينا، ويــطلبون منا الكــشف عن المزيد عن أنفسنا، وكما ما قيل: أنت سيد ما تخفيه وأسير ما تفشيه!
فلا تسمح للآخرين بتحطيم حدودك وتعديها وزعزعة مبادئك.
ووضع الحدود بشكل عام ليست بالضرورة ان تكون مع الاشخاص السيئين ولمن يثيرون ضيقنا واستفزازنا، بل هي ضرورة لابد منها، لذلك علينا ان نبنيها بناء على مبادئنا وقناعاتنا وتربيتنا وتقاليدنا وبناء على مقدار الوعي بذواتنا.
فلابــد من الفهم الواعي لطبيعة هذه الحــدود ولطريقة تلقي الطرف الآخر لها، لذلك حاول دائما أن تعبر عن أفكارك ومشاعرك بحزم ولطف دون لوم الآخر، وابن حدودك ببطء، ولا تندفع ابدا في تحديد تلك الحدود ان كنت تحت تأثير مشاعر الغضب والعصبية، كي لا تبني أسوارا عاليــة هشة تنفر الناس من حولنا ويصعب علينا حمايتها، وكي لا تتجه ايضا إلى نقيض ما كنت عليه، مما سيكون حملا ثقيلا عليك وعلى الآخرين، ولا تنس ان تتفهم سبب أهمية كل حد بالنسبة لك.