قال تعالى: (ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم).
ما دامت أرواحنا في أبداننا عليك أن تعي جيدا أن هذه الحياة لن تخلو من السيئين، لكن هذا لا يعني بتاتا أن تصنع من نفسك إنسانا سيئا لمجرد وجودهم بيننا لتكون مثلهم، أو لمجرد أن أحدهم أساء إليك وخيب ظنك، كما تعلم ايضا ألا تقابل السيئة بالسيئة، ولا تجعل الحقد وإساءة الظن تأخذ منك حيزا، بل نقّ قلبك وروحك من الشوائب التي قد تلتصق بك في متاهات الطريق، نعم قد يكون التعامل مع أصناف الناس من الأمور التي تأخذ منك وقتا وجهدا، لكن اسع دائما على توطين نفسك بأن تكون واسع الصدر، والصبر على الأذى، وكظم الغيظ، وتذكر دائما وأبدا أنك تتعامل مع عقول مختلفة، وبيئات متنوعة، وآراء متعددة.
لذلك تعامل مع الناس كما يتعامل الطبيب مع المرضى، قد يكون المرض واحدا، والعلاج مختلفا، وهكذا هم الناس لكل واحد منهم علاجه، ولا تحاول أن تنتقم ممن أساء إليك، أو تكون معول هدم، ارتق واسم بروحك، يقول الحسن البصري: «اصحب الناس بأي خلق شئت يصحبوك»، لا تعامل الناس بما يعاملونك به.
فأنت شخص تحمل لنفسك من القيم والمبادئ ما يجعلك ألا تنحدر إلى السفح، وضع في عين الاعتبار أن وحدهم أصحاب القلوب الرحيمة هم الذين ينثرون الأخلاق بين الناس وهم أصبر الناس على الأذى، وتحمل الإساءات.
يقول ابن تيمية، رحمه الله: «درجة الحلم، والصبر على الأذى، والعفو عن الظلم، أفضل أخلاق أهل الدنيا والآخرة، يبلغ الرجل بها ما لا يبلغه بالصيام والقيام»، قال تعالى: (والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين).
تفاءل وابدأ يومك بإشراقة أمل ولا تعش الحياة وكأن الدنيا فوق ظهرك، اربأ بنفسك ولا تحملها ما لا تطيق، ولا تأخذك الهموم والأحزان وتجعل مخيلتك تغوص في عمق الماضي ولا ترحل بك إلى المستقبل فتتحير، وتعايش مع نفسك، ويومك، وفرحك، وحزنك، لكن إياك والإفراط، ولا تكن من هؤلاء الذين وصفهم مصطفى الرافعي بقوله: «إن المرء إذا حزن استدعى كل أحزانه السابقة، كأن حزنا واحدا لا يكفيه».
فإن الحياة لن تقف عند أحد، ولن تدوم الأحزان وظلام الليل يفنى، لذلك لا تحزن على صغائر الأمور فكل الدنيا صغائر، ولا تضخم مشاكلك ولا تهولها، ولا تيأس ولو كنت في وجهة العاصفة.
ينبغي على المسلم ألا ييأس أبدا، فليس اليأس من أخلاق المسلمين، قال سبحانه: (ولا تيأسوا من روح الله إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون)، لا تيأس إذا تعثرت قدماك في لحظات سهو أو غفلة وسقطت في حفرة ظلم، خذلان، اساءة، إجحاف، فتأكد أنك ستخرج منها وأنت أكثر تماسكا وقوة.
ولا تــحزن إذا جاءك سهم قاتل من حاقد حاسد أو غيور، فالشر أصيل في نفوس الناس معظم الأحيان، وسوف تجد من ينزعه منك ويعيد لك الحياة وبهجتها.