أبناؤنا جزء منا، لهم حق علينا، فهم يمثلوننا مهما كانت تصرفاتهم ومهما كانت سلوكياتهم التي يمارسونها، فهم من خلالها يعكسون تربيتنا لهم التي تربوا عليها، وينقلون صورة بيئتهم التي ترعرعوا فيها، ويبينون خلفيتهم الثقافية التي ينطلقون منها.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم «إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق».
فهذا هو إسلامنا، عبارة عن منهج حياة متكامل فلم يترك أي شي إلا وقد ذكره لنا، مبني على مبادئ تعزز قيمنا الإنسانية، ينمي أخلاقنا، ينظم سلوكنا، يدعو لاحترام ذواتنا.
وتربيتنا لأبنائنا كفيلة بتنمية وإصلاح مجتمعنا الذي ننتمي إليه، في أي زمان وفي كل مكان، فالسلوك المستقيم يبدأ من الصغر بغرسه من الأهل عن طريق التربية الصالحة.
ولكن، هناك الكثير من الأهل نراهم في مجتمعنا (المطبلاتى والمقللاتى) كما قال (خالد أبو بكر)، تساهلوا في تربيتهم لأبنائهم، وتهاونوا بأمور لا يمكن التهاون تجاهها، معتمدين على مناهج التربية المغايرة المنافية للأخلاق، والغريبة جدا على مجتمعنا المحافظ، والخادشة للحياء.
تربية بعيدة كل البعد عن الأسس التربوية التي نحتاج إليها في ضوء متغيرات هذا الزمان.
فكوننا قدوة لهم يحتم علينا الانتباه إلى سلوكياتنا وعدم مخالفة أفعالنا لأقوالنا، كي لا يطغي ذلك فيما بعد علي فكرهم ونهجهم وثقافتهم.
بعكس لو حرصنا على تلك النقطة الأساسية والمهمة، سنحقق من خلالها تنشئة عقيدية مستنيرة وشاملة، بعيدة عن كل التناقضات والتصرفات الاجتماعية غير اللائقة.
فهم كالزجاج قابل لكل نقش، ومائل إلى كل ما يمال به إليه.
يقول ابن القيم: ومما يحتاج إليه الطفل غاية الاحتياج الاعتناء بأمر خلقه، فإنه ينشأ على ما عوده المربي في صغره، كما كان ابن سينا يقوم بتهذيب الطفل وتعويده الخصال الحميدة منذ الفطام، قبل أن ترسخ فيه العادات المرذولة التي تصعب إزالتها إذا تمكنت من نفسه.
فلا يجب ان نستهين بذلك، بل يفترض علينا ان نغرس في نفوسهم مبادئ تمكنهم بالاعتماد على مناهج تنمي قدراتهم وتثير فيهم مهارات التفكير بجميع أنواعه.
فالتربية تعتبر نمطا من المعرفة العقلية الدالة على رقي بيئتنا، وهي أساس نهضتنا، فعندما نجتهد بتربيتهم بصورة جدية، نمنحهم هدية (احترام الذات) ونشعرهم بقيمتهم ونظهر لهم أهمية وجودهم في الحياة.
فعندما يقال هذا الابن مهذب خلوق، أي انه تلقى آلاف الملاحظات، آلاف التوجيهات، آلاف المتابعات والتعليمات، حتى صار مهذبا وخلوقا.
وهذا بحد ذاته بمنزلة كنز عظيم لا يقدر بثمن، عندما تراه يكبر أمام عينيك حاملا معه تلك الخصال الحميدة الطيبة، سيشعرك بمتعة الإنجاز ونشوة المجهود المبدع.