لا يكفي أبدا أن يكون قلبك طيبا، ورحيما، وسلوكك مستهجنا، ولسانك كاذبا وخوانا غير مصان!
إن لم يكن قولك وتصرفاتك مصداقا لما يحويه جمال قلبك، ووعي عقلك، فما قيمة قلبك الطيب إذن؟!
فما جدوى أن يكون الشخص مرة منافقا حاقدا، ومرة شتاما عيابا، ومرة طعانا لعانا، يتهم غيره بالتقصير والبطلان؟ فكل ما يستقر في القلب تؤكده الجوارح، مهما حاولت، مهما تظاهرت، مهما تصنعت، فلابد أن هناك لحظة ستظهر ما تضمره في داخلك، وسيخرج في فلتات لسانك وكما قال يحيى بن معاذ: (الألسن مغاريف القلوب) فكذبك ورياؤك ونفاقك، وعدم ذوقك وقلة احترامك، أمور قد نتجاوزها، ونلتمس لها الأعذار، ونسدل عليها الجدار، بملء إرادتنا.
لكن يبقى بعضها محفورا في قلوبنا يصعب نسيانه، بسبب تأثيره العميق على مشاعرنا.
فلا يوجد أسوأ من تكرار نفس الخطأ والتقصير تجاهك انت دون سائر البشر مرات ومرات عدة معتبرينك ساذجا مغفلا لا تفقه تصرفاتهم ولا تستوعبها، ولا يوجد أسوأ من أن يوبخوك ويداعبوا مشاعرك بحد السكين فقط لأنك كنت مبتسما ضاحكا غير مبال بقبحهم ودناءة نفوسهم، ولا يوجد أسوأ من استغلالهم لتنازلك الدائم لهم، وغض طرفك عن زلاتهم وهفواتهم وكثرة تسامحك معهم.
بخلاف تركيزهم الذي لا ينصب إلا على مكامن خللك، مصرين على تبرير وقاحتهم وفظاظة وغلاظة قلوبهم، وسلوكياتهم التي لا يجرؤون أن يغضبوا بها غيرك، كما يقول المثل (أبوي ما يقدر إلا على أمي)، أي لا ينصب جام غضبهم إلا على من يحترمهم ويقدرهم ويعطيهم حجما أكبر بكثير من حجمهم الحقيقي، فتعاملك بذوق معهم، يعتبر في نظرهم انك إنسان معدوم الشخصية، لا عزة وهيبة لك، ولا حتى كرامة!
ففي معظم الأحيان تكون كثرة مشاكلنا بسبب علاقاتنا مع تلك الفئة من الناس، الذين يرضون على غيرهم مالا يرضونه على أنفسهم.