العلاقة الحقيقية الصادقة، وحدها التي تثمر بداخلك مشاعر إيجابية جميلة، العلاقة الحقيقية فقط لا غيرها، هي وحدها التي توضح مشاعر الإنسان الذي يحبك حبا جما، يحترمك، يوقرك، يثني عليك، لا ينافقك، يعيد بناء جسور الثقة لك ويلهمك.
أما المشاعر السلبية فيستحيل أن تنبثق من تلك العلاقة الصادقة، لأنها مشاعر لا ينقلها إليك، إلا الإنسان المعتل ذهنيا والمختل فكريا، الحاقد، الدنيء، الناقص الذي ينتقدك، وينسى نفسه ويؤنبك.
فالعلاقة الحقيقية، هي التي تكمن في القوة الحقيقية، وهي وحدها التي ستؤمن أنت بها، وبمدى أهميتها، لما لها من تأثير بهيج عليك، وهي لا تقاس أبدا بطول العشرة وإنما تقاس بالعرفان الرائع والتقدير، تقاس بالأثر الجميل، تقاس بشيم الأرواح النبيلة، تقاس بعمقها وطراوة جذورها.
يكفي أنها تشعرك بالألفة والمودة، ويكفي أن تجعلك أيضا ثاغر المبسم، فالابتسام وحده وبحد ذاته ينشط عقلك، يبدد متاعبك، يشرح صدرك، يكسر موجة غضبك، ويضيء نفسك.
لذا العلاقات الصادقة هي وحدها التي تحمل من المعاني الشيء الكبير، لما لها من جوانب كثيرة ومختلفة، أعمق وأسمى من الحب ذاته، حيث إنها تنشأ من رقي الأخلاق، وتلألؤ الفكر والعقل، وتنشأ بانسجام الأمزجة، والتي بها تبنى العلاقات على أرضية صلبة من الاحترام وعظيم الاعتبار، والتوقير.
وبمرور الأيام ستتيقن أكثر وأكثر، من أنها من أنبل العلاقات، كونها تنطلق من مفهوم الحب غير المشروط، الصراحة، الصدق والإخلاص، كونها بعيدة عن الغيرة والحقد والمخاتلة والكذب والبهتان.
ما اكثرهم أولئك المميزون في حياتنا، ما أﺟﻤﻠﻬﻢ حين يفهمونك ويتفهمونك في كل حالاتك، يتفهمون كلماتك، يتفهمون أسلوبك، يشعرون بأحاسيسك ويشعرون بحزنك وضيقك من نبرة صوتك، ويشعرون به حتى من ابتسامتك وطريقة كتاباتك.
لا يغضبونك، لا يحزنونك، لا يزعجونك، لا يحبطونك، ووحدهم من يلتمسون الأعذار لك، دون أن يجرحونك ويوبخونك، يدارون خاطرك، يرضون بواقعك، لا يتخلون عنك وبسهولة يرخصونك وينسونك.
يجعلونك تشعر بلذة مقولة:
«رب أخ لك لم تلده أمك»، فهم فعلا أخوة وأخوات، قد تعيش معهم مشاعر الأخوة الحقيقية، التي قد لم تشعر بها مع أخوتك وأخواتك الحقيقيات.
وكما قال الشاعر في قصيدته:
الصداقة كنز معناها جميل
من ملكها أشهد أنه ملك
تعرف أوصافك من أوصاف الخليل
والصديق أحيان أقرب من هلك
من كلام المصطفى سقنا الدليل
الجليس اثنين واحدهم هلك
حامل المسك طبن للعليل
صاحب للخير بدروبه سلك
لو تحس بضيق للضيقة يزيل
لو تغيب شوي عن الحال سألك
والجليس السوء النذل الرذيل
نافخ الكير من الكير شعلك
ما يعين بخير خيره مستحيل
ما وراه إحسان يجهل بجهلك