جميعنا من كبير وصغير، ومن غني وفقير، نلهث باحثين بكل شغف عن السعادة وهدوء النفس والبال، ونلاحظ أحيانا من خلال لهثنا وراءها حتى وهن العظم، بأنها تصد عنا وتتجنبنا، وكأنها لا تريد أن تحالفنا، فتشعرنا بالأسف على مصيرنا، وتجعلنا ننعى بؤس وتعاسة حظنا.
وكوننا نعيش في عالم مليء بالتناقضات، وممزقا بالاضطرابات والخلافات، فإياك أن تكذب على نفسك وتوهمها، بأن السعادة هي من ستأتيك وتطرق بابك، في حين جلوسك حائرا، واضعا يدك على خدك بائسا.
السعادة لن تأتيك هكذا، لأنك انت من يصنعها، هذا وان حاولت بالفعل أن تلون حياتك بالتغيير، لتزهيها من جديد وتبهجها.
السعادة، تستمدها أولا بكسر روتينك، وتعديل نمط شخصيتك واجتهادك، تستمدها من تحسين شعورك تجاه ذاتك، تستمدها من رضا ضميرك واعتدالك.
فوحدك الذي تملك إمكانية التحكم في كل ما تفكر وتقول وتفعل وتشعر به، فلا تشتت فكرك، وتضيع وقتك بلا جدوى، وحاول أن تفهم ما تريده بشكل واضح وجلي، لتقرر وتغير وبصورة صحيحة تختار، كل ما يتكيف معك، ويلائم طباعك ويناسبك.
بادر انت واصنع سعادتك بنفسك، من خلال تغيير استراتيجيتك، والتي قد تكون في يوم من الأيام، مجلبة لتكدير صفاء ذهنك، وتشويش مزاجك وعقلك، واجعلها تنتشلك من المكان الخطأ وفي المكان الصحيح تضعك، كي لا تتلاشى مع الأيام وتغيب عن الأبصار، وكأنه لا وجود لك.
فثق أن بمبادرتك تلك، ستشعر بجزء لا بأس به، من السعادة التي تبحث عنها.
ولا تنس أبدا أن تضع في اعتبارك دائما كل الأحداث والمواقف، التي تجاهلتها إكراما منك، وفي النهاية آلمتك وجرحتك، وخدشت جزءا كبيرا من كرامتك، وكانت سببا في تعاستك، كي تعرف متى يجب عليك ان تكون صارما وحازما باتخاذ قراراتك، حين تغزوك تلك الفوضى العارمة، وتنغرس بشكل مفاجئ في وسط عالمك، ويصبح الانزعاج كامنا في داخلك، ما يجعلك تتراجع للوراء فيبهت بريقك، وتخبو شعلتك.
واجعل تصرفاتك جلية على قسماتك، لأن زمن «ذوي الفهم» ولى وزال، فلا تترك لهم المجال، أن يكونوا مصدرا لتشاؤمك.
فهناك أيام لم تأت بعد، تحمل معها شعورا عظيما يغمرك بالاكتفاء والرضا، وان لم تكتمل استثناءاتك، وتفاصيلك، وجميل أشيائك، شعور يغنيك بالله عمن سواه، يجبر قلبك ويجعل السماء بما رحبت موطنا لك.