يقول الكاتب النيوزيلندي بيتر ماكنتاير «الثقة بالنفس لا تأتي من كونك دائما على صواب، بل من عدم الخوف من أن تخطئ»!، وفعلا فالثقة بالنفس لا تأتي من كونك دائما على صواب بتاتا، فهناك فرق كبير وشاسع
قد لا يدركه الكثير ممن غزاهم ذلك الاعتقاد البائس، والذي يصعب بشدة التعامل معه، حين تراهم من باب الثقة، في كل حديث، نقاش، سوء فهم، خلاف، يضمرون بتعمد وإصرار أن يكونوا وحدهم على صواب ويقين، ووحدهم الذين يصغون إلى من يبدون وكأنهم يعرفون كل ما هو صحيح.
ووحدهم يعرفون كيف يتحدثون وبكلامهم يوزنون، ويظنون بأنهم لا يسيئون ولا يخطئون، وبالرغم من فظاظتهم التي لا تعرف مفرداتها ومعطياتها، إلا انهم يعتقدون بأنهم لا يجرحون غيرهم ولا يضرون، ذلك طبعا بسبب اختلال توازن مفهوم الثقة لديهم، وبسبب إيمانهم الشديد بعدم وجود نقص في أفكارهم وتصرفاتهم، أو نقص في تجاربهم وخبراتهم، ولا شعوريا يشككونك بنفسك، لتحتار انت بها، وملايين المرات والمرات تراجعها، بسبب
اعتقادهم الذي صار يثير الاستغراب والشتات في داخلك، وبه يلامسون صغير تفاصيلك وألمك، التي تراكمت عليك وصارت بين الحين والآخر تنازعك، إلى أن مزقت الشيء الكبير في طياتها على ذاتك، وهم اعلم بها اكثر منك.
ومهما اجتهدت معهم وحاولت أن توضح لهم ما تريد توضيحه، لكن للأسف توضيحك هذا لم يحرك ساكنا في نفوسهم.
فلا تثريب عليهم إذن، فثمة اعتبارات على أساسها تقم انت بوضع أحكامك، يفاجئونك في كل مرة باستقباح ردودهم، ويشعرونك بالمنة والإحراج من جفاء أسلوبهم، وسرعان ما يتلاشى كل ما تولد بينك وبينهم.
أشخاص، صار من الصعب جدا تقبلهم والتأقلم معهم، لذا نحاول بقدر المستطاع أن نتحاشاهم، كي لا نقحم في متاهاتهم إحساسنا، وان كنا نشعر بوجودهم يتبخر غرار حزننا وهمنا، فما نحن سوى أنماط مختلفة من البشر، نعيش في هذا الكون الواسع، مختلفين بحسب شخصياتنا، أفكارنا، أسلوبنا، طبائعنا، تعاملنا، مختلفين بأحاسيسنا ومشاعرنا، مختلفين حتى بردود أفعالنا بمدى تأثرنا من بعض الكلمات التي يتفوه بها الغير من غير تلبث أمامنا، والتي بها قد تستثار عاطفتنا.
يفترض، أن نتعامل مع الآخرين من منطلق شخصياتهم وطباعهم لا من طباعنا، ونأخذ بعين الاعتبار أن هذا أساس طبيعة تركيبة حياتنا، فهناك الشخص الاجتماعي، الانطوائي، الحساس، النرجسي، العصبي، المنفتح، المنغلق، المتعاطف، المتفهم، الإيجابي، السلبي، البليد، وغيرهم الكثير.