حين يعي الإنسان جيدا ما يقول، ومع من يقول، لن ينشغل باله أبدا في الارتياب بالآخرين، لأن من خلال ذلك الإيعاء، سيتجنب الكثير من (الشك، الظنون، الريبة)، وسيكون الإيضاح مع من يقول لهم ومن بدقة اختارهم، نبراسا لعلاقته معهم.
فهناك الكثير ممن يجعلوننا نعيش بأبشع شعور، ويملؤوننا بالاستهانة والتنقيص، ويجعلوننا نتوه في دوامة لا نعرف لها مكانا ولا مخرجا.
شعور يجعلنا نسمع ونسرح في التفكير، نتجاهل ونصمت باختناق، وقد يجعلنا أحيانا نكره أنفسنا مرات ومرات، فنرغب بالغياب، لنبتعد بعقولنا المثقلة بالأعباء.
وفي المقابل، هناك البعض الآخر الذين تجدهم يدركون تماما لمواطن ضعفنا، ويعرفون كل عيوبنا وزلاتنا، وعلى الرغم من ذلك إلا أنهم يبقون مستمرين معنا، متقبلين وضعنا كما نحن، محبين لنا، وبالسماح والثقة يطوقوننا، وبإخلاص وتفان في كل كبيرة وصغيرة نجدهم يتقدمون أمامنا، حرصا وخوفا علينا.
لذلك، فقد تكون أحيانا مواطن ضعفنا وعيوبنا، هي أكثر ما تنمينا وتحتضننا، وبمرور الأيام تزيد من حكمتنا وتثري خبرتنا وتعلمنا، وتبين لنا الأكارم الذين اختارونا وتحملونا حتى في أصعب ظروفنا، بعيدا عن تلك التعقيدات التي تشوشنا، وتلك الأغلال التي تقيدنا، ذلك فقط عندما نعي تماما ما نقول، ومع من نقول.
لأن هناك من هم ليسوا متساوين في فهم ما يقال لهم، وليسوا مهتمين أو مدركين لما يساق إليهم.
ومن لا يتقبلنا على سجيتنا مثلما كنا وبشكل صحيح يفهمنا، فلسنا مجبرين على فهمه وتقبله مثلما هو، ذلك لأننا إلى حد ما غير كاملين، معرضون للظروف والضغوط، معرضون للإخفاقات والنكسات، ننجح ونفشل، نخطئ ونصيب، كما نقسوا أحيانا كثيرة على أنفسنا، تحت وطأة تلك الأحكام القاسية والآراء الجارحة التي تطنطن في آذاننا، ممن ببجاحة يتجرأون علينا وعلى محاسبتنا.
ولكن تيقن أن في مختلف الأوضاع، بأن الله سبحانه وتعالى معك، ساكنا بين أضلعك، عارفا لنواياك وما تخفيه داخل روحك وصدرك، ويعرف ما يدور في مضجعك وما يجول في خلجك، وهذا بحد ذاته يكفيك ليجعلك لا تغرق كثيرا في بؤسك، كي لا تدعه يصل إلى داخلك ويثقل قلبك ونفسك، أمام كل مشكلة تواجهك، أو كل موقف يعترضك، فـ«باب الإله خير باب يرتجى، فما وراء من رجاه مرتجى»، وإن اعتراك شيئا من الضعف في بعض الأوقات وصار الخوف والقلق يتعبك، تذكر دائما أن ثمة سببا لكل شيء يحدث معك، إما أن يكون عبارة عن عبر تستفيد منها لتقويك، أو دروس عظيمة على طبق من ذهب تقدم لك.