لا تستجب أبدا أو تستمر مع من تجده دائما يرفض ما تقوله من كلام ويستمر في دحضك بهدف إقناعك بالإجبار بأن عيوب الدنيا كلها تكتسيك وتملؤك، فكلنا مثقوبون بالعيوب، ولولا رداء من الله اسمه الستر لكسرت أعناقنا من عيوبنا وأخطائنا والجوانب السلبية فينا، وبعض من سماتنا، من شدة الحياء.
يفرضون عليك الكثير من التموج والاضطراب، ويلوثون عقلك بالسم من خلال كلامهم، ودائما ما تجدهم يشعرونك بأنك لا شيء، لا قيمة ولا كيان لك، وخلفهم على الدوم تكون وأقل منهم، ضعيفا مهزوزا لا قوة لديك، طيبا تكون كرذاذ المطر، أي «أهبل»، تعتبر بلا شخصية بالنسبة لهم، فيستكثرون عليك احترامهم وتقديرهم.
وبكلامهم الناتج عن قلة تهذيبهم، وقلة وعيهم، والذي يدل أيضا على افتقارهم للخلق الإنساني الرفيع، يحللون شخصيتك والتي في الواقع هي شخصيتهم التي تحيط بهم من كل حدب وصوب، غائصة كالرصاص من ثقل كميتها في جوفهم، فاعتادوا عليها منذ الأزل وامتصوها، ومن ثم تجدهم يريدون أن يلبسوك إياها لتمتصها أنت مثلهم فتتشبث بك لتصبح أسوأ منهم.. حينها ما عليك سوى أن تقوم بتعديل مسارك، فتصد عنهم وتعطي ظهرك لهم، وستجدهم أيضا في المقابل يكثر نباحهم ويزيد هياجهم أكثر.
لا تلتفت إليهم، لا توضح، لا تبرر، لا تشرح، فقط ابتعد عنهم، وسيعرفون هم ولو بعد زمن طويل، مدى قدرك ومكانتك، والتي حينها ستشعر بأنك في غنى عنها وعن معرفتها، ولم تعد مهتما بها، ولا ترغب في المزيد منها، لطالما كانت منهم.
كما لا تحاول أيضا إقناعهم بأنك كذا وكذا وكذا، بل تجاوزهم واصقل شخصيتك بكل ما يجملها، وتذكر أن الله سبحانه وتعالى لم يخلقك عبثا لتلهث سعيا وراء ثنائهم ورأيهم ورضائهم، وكن مع الله سبحانه وتعالى فقط، دائما وأبدا، وستدرك آنذاك قيمتك الحقيقية، وستعرف شخصيتك الرائعة، وستتأكد كم أنت شخص مميز، وقوي وجميل. يقال:
إن المبادئ كلنا نمتلكها، أما المواقف فهي التي تثبت أو تنفي ذلك.
نعم صحيح، كتلك المواقف التي أثبتت لنا مستوى من خالطناهم وعرفناهم حق المعرفة ووثقنا بهم، والذين كانوا يدعون المبادئ والقيم والأخلاق، وهم لا خلق لهم ولا مبدأ، هذا، وبخلاف أن أقذر الألفاظ والكلام السيئ الجارح نسمعه منهم، والذي أوضح لنا أكثر زيفهم، الذي صار كزيف الدراهم.