حين يكون إيمانك مستيقظا واعيا نيرا، ستتوافق ومن دون شك مع حقيقتك مهما كانت حياتك، وستلقي نظرة عن كثب لكل ما يناسب احتياجاتك، ستصبح واثقا جدا لن تنكمش على نفسك وذاتك، بل سينفذ بصرك إلى قلب عالمك، لتستعد فيما بعد باستقبال كل ما يطمئنك ويريح بالك، كما ستتحلى ببرودة الأعصاب تلك، والتي ستجعلك تسفه كل ما يغيضك وتغض الطرف عن كل ما يستفزك ويغضبك.
فتأكد أن من بعد الباري سبحانه، بأن الأمر منوط بك لا لغيرك، فلو استوطنك ذلك الإيمان حقا، سيكون من الصعب زعزعتك، تشتيتك، ضياعك، بل واحيانا سيوصلك لمرحلة الاكتفاء
وان لم تجد من يكتفي بك، وبعين عقلك ستدير بكل رضا مجريات حياتك، وستتيقن يقينا تاما أيضا بأنك جدير بمواجهة كل زوابعك وعاتية أمواجك، من خلال صبرك وقوة احتمالك، ومن خلال حدة بصيرتك للأمور وطريقة استيعابك.
يقال:
«حقيقة الحياة هي أن الشيء الثابت فيها هو التغيير»، ذلك لأن التغيير وحده هو الذي سيشعرك وكأنك شخص آخر ولد من جديد، ولد بشخصية مختلفة بعدما صقلت، واستخدمت طرقا قد لا تخطر على بالها قط، إلا أنها ساعدتها على تقوية ثقتها وتعزيز شموخها، محافظة على كرامتها وعزتها، واضعة حدودا لخصوصياتها، فارضة احترامها، دون السماح للغير باستغفالها وتجاهلها، أو التعدي عليها، والاستخفاف بها.
تغيير يبرز وجودها ويساعدها للوصول إلى عالم جديد، عالم قد يأخذها نوعا ما بعيدا عما اعتادت عليه، عالم سيكسر بعضا من تصرفاتها والتي قوبلت بردود أفعال لم تتوقعها، لتكون حازمة اكثر في مبادئها، ما يجعلها تفكر بدلا من المرة الواحدة ألفا، كي تعرف متى وكيف ومع من تستخدم كريم أخلاقها، نبل عطائها، شفافية مشاعرها والتي كانت في يوم من الايام سببا بفرط إعيائها.
يقول الشاعر:
والحازم الرأي من يجزي مبادئه بالشر شرا وبالإحسان إحسانا
حينها ستخترق فلكك وان توقعت أن يحدث أسوأ ما يمر في مخيلتك، إلا أن بدفة ثباتك سيتغلغل ذلك الهدوء الدافئ في روحك، وسيتوازن معه كل ما يتعلق بواقعك.
يقال: «إذا ما نفذتم إلى قلب العالم، وأبصرتم كل ما فيه من قحط، لأدركتم أنه عاجز عن إعطائكم ذلك السلام، وتلك الحياة التي تنشدون»، فاكبح ضواريك وامتط عاصفتك وحدك، تعلم مما خسرته، ولا تقتل بالتنديب ولو جزءا صغيرا من وقتك، واتسم بالبراعة لتستجمع بالذكاء صحيح آرائك وفكرك.
لترحل بعيدا وبقناعة تامة منك، عن كل ما يضنيك ويتعسك، حينها ستكون سرمدية رائعة جدا حياتك.