عن الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يقول: «لا تزول قدما عبد يوم القيامة حتى يسأل عن أربع عن عمره فيما أفناه، وعن جسده فيما أبلاه، وعن علمه ماذا عمل به، وعن ماله من أين اكتسبه وفيما أنفقه».
فلو تطرقنا لجزء من هذا الحديث الشريف، والذي يقول «وعن علمه ماذا عمل به» وتعمقنا فيه، فسنوقن تماما كم للعلم مكانة عظيمة جدا لا يمكن إنكارها، لاسيما في مجتمعنا الحالي والذي غدا حيويا للغاية، وذلك من أجل الوصول الى أعلى مراتب التنمية في جميع مجالات الحياة الاقتصادية الاجتماعية والثقافية وغيرها.
وفي هذا السياق، سنلقي الضوء على أهمية دور المعلمين والمعلمات، في احتضان علمهم، وتوصيله لأبنائنا وبناتنا وفق أسس تربوية صحيحة، ذلك لأن دورهم لا يقل أبدا عن أهمية دور آبائهم وأمهاتهم في تربيتهم وطريقة نشأتهم.
فهم يساهمون أيضا في إكمال بنائهم، وسيضيفون قيمة رائعة وثمينة لعلمهم، خاصة إن كانوا أصحاب ضمير حي وأيد أمينة وصادقة، وكما قال أمير الشعراء:
وإذا المعلم لم يكن عدلا مشى روح العدالة في الشباب ضئيلا
كما قال تعالى في كتابه العزيز: (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ وَالْمَلائِكَةُ وَأُوْلُوا الْعِلْمِ قَائِماً بِالْقِسْطِ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) سورة آل عمران، والتي توضح لنا فضل العلم وشرف العلماء، كما تبين لنا مكانتهم الرفيعة في ديننا وكتاب ربنا.
فهم من خلال حرصهم وتفانيهم، وإخلاصهم في غرس أجمل الخصال بهم، سيرسمون لنا جيلا صاعدا باتجاه العلا، هذا بخلاف حين يعاملونهم مثلما يحبون أن يعاملوا أبناءهم وبناتهم، بقلب لين، ولطف معاملة، زائد لسان محترم وسليم، فهنا ومن دون أدنى شك، سيكونون أروع قدوة لهم، يقتدون بكل فخر واعتزاز بها.
يقول أبو الحسن الندوي:
«قلب بلا إيمان كتلة لحم ميتة، ولكنها ترمى في الزبالة أكرمكم الله، وعين بلا إيمان مقلة عمياء، ويد بلا إيمان إشارة خاطئة آثمة، وجيل بلا إيمان قطيع من الغنم أو هوشة من البقر، وقصيدة بلا إيمان كلام ملفف، وكتاب بلا إيمان كلام مصفف، فنحن أمة الإيمان وأمة الرسالة». فتأكدوا أنه باهتمامكم، باحتوائكم، وبسعة صدوركم عليهم، وعدم التفرقة فيما بينهم، ستحققون شيئا خالدا في نفوسهم، شيئا سيكون بمنزلة بصمة ذهبية، لن ينسوا فضلها أبدا طوال فترة حياتهم، لما قدموه لهم بكل صدق وأمانة، فأنتم رمزا للرقي والعطاء السخي.
بتمكنكم، بتمرسكم، وبتبسمكم، قد تتخلون عن استراتيجية نهركم وزجركم عليهم، فكم عظيم عند الله سبحانه وتعالى أجركم.
كما لا ننسى أيضا واجب الوالدين في تعليم أبنائهم بأن يوقروا معلميهم ويحترموهم، لا أن يتمادوا أو يتطاولوا عليهم، فجميعنا نشكل أسرة واحدة، فإن كنا على قلب واحد، سيرتقي مسار تعليم أبنائنا.