اعزلهم واعزل نفسك عنهم، أولئك المستغلين، المنتفعين، المكثرين بكذبهم وتبريراتهم، الذين أدركوا أصالة معدنك، فزادوا بفظاعة سلوكهم معك، وتمادوا بأحكامهم الذاتية عليك، فقط ليؤثروا على نفسيتك، ويزعزعوا ثقتك بذاتك، ذلك بالرغم من يقينهم التام برهافة وجدك وصفاء احساسك.
اعزل نفسك عنهم، فأنت مخيّر ولستَ بمسيّر للاستمرار معهم، خاصة بعدما اكتشفت مرّ حقيقتهم، وعرفت وقاحة تصرفاتهم وقباحة أسلوبهم، والذين في ليلة وضحاها أصبحتَ سيئاً، غريب الأطوار في نظرهم، ذلك فقط بسبب عدم تآلف روحك مع روحهم، فعجزوا أن يجاروك ولمستواهم ينزلوك، فصاروا أنداداً لك، كي يضطروك لأن تصبح نسخة من شخصيتهم، وهيهات إن لم تساير مزاجيتهم، وشكّلت شخصيتك بحسب أهوائهم المشحونة بتشتيت آرائهم.
يجعلونك إيماضة مباغتة لتضيق بك حياتك، وتتسع لهم في المقابل حياتهم.
نعم، قد لا تكون الافضل، وقد لا تكون أيضا افضل منهم، ولكن ثق تماما بأنك مختلف بكثير عنهم، وقد يكون اختلافك هذا هو ما أتعبهم، فصار كل هدفهم هدمك، كي تنهار وتصل لأسوأ حالاتك، اعتقادا منهم بأنك ستضعف، تذبل، تنطوي وبعدها ستضطر لأن تصبح مثلما يريدونك هم.
لكنهم لا يعلمون أنهم جعلوك تائها بين اجوبة مبهمة لم تكتمل، وأسئلة أبدا لا تحتمل، أسئلة غالبا ما تكررها (هل انا اصعب مما يستعصى على عقلهم الفذ فهمي؟! هل انا سيء إلى هذا الحد؟! فعجزوا عني ؟!)، والكثير والكثير مثل تلك الأسئلة تراودك!! فتعيش بشعور عشوائي بشع، لا احد يتمناه بقدر ما يخشاه! شعور انت في غنى عنه، ذلك لأنه قبل ان يؤثر عليك سيؤثر على محيطك، وحينها إياك ان تنصت لقلبك وعواطفك، كي لا يجعلوك تتردد باتخاذ افضل قراراتك، والتي قد تكون انت من اجّلتها من ذي قبل بما فيه الكفاية، وعلى ماذا؟! وهل هناك ما يستحق ذلك؟! فمن يحترمك حقا يحترم وجودك، ولن يتنافر بتلك الطريقة معك، ولكن وحده الضعيف المهزوز، والذي دائما ما يشاحنك بكل غباء وبثقة عمياء، ظنا منه بأنك مغفل لم تستوعبه أو تلاحظه، لذا تجده وفقا لإعداداته الداخلية التالفة يعاملك.
لكن لطالما انك فعلت كل ما بوسعك وحاولت، اكمل احسانك، وأدر لهم ظهرك، فليس شرطا أن يكون التقصير منك، ولكن كما قال الشاعر عمرو الزبيدي:
ولو نار نفخت بها أضاءت
ولكن أنت تنفخ في الرماد.
وقيل أيضا: «الفرق بين إنسان وضيع، وإنسان رفيع، ليس فرقا في العقل وحده، بل أكثر من ذلك، الفرق في الذوق أيضا».