يقال: «هناك كلمة سامقة الفروع، لا تزعزعها زوبعة الرياح»، كلمة وان كانت بسيطة، إلا ان سمعناها ممن حولنا وممن نحب ونقدر، ستفتح امامنا دروبا وخرائط، وستمحو تلك الخيبة وذلك الجفاء الذي استوطننا، وستضفي على نفوسنا قبل وجوهنا، وبلمسات مزخرفة مبهجة بسمة بطاقة ايجابية لنا، شامخين ستجعلنا، وبثقة جديدة ستملؤنا.
فكثيرا ما نحتاجها نحن في كل جوانب حياتنا، كما أننا نحتاجها أكثر أيضا، بعدما أشعرتنا بعض ظروفنا بالتضليل والضياع، ذلك لأن من خلالها سنستنهض من جديد لنجابه بجدية تامة ماهيتنا، ولنكثف تركيزنا على امور للأسمى ترفعنا، بها تستكين وتفرح دواخلنا، واحيانا كثيرة تشجعنا، تحفزنا، وعن الحزازات تبعدنا، وتزيل علامات الاستفهام المتقوقعة، المتزنجرة في عقولنا.
لذلك هي سرعان ما تنعكس علينا، وتخرجنا من جميع مخاوفنا وأزماتنا وفقداننا لثقتنا، لنصل بفضلها من بعد الباري سبحانه، إلى تحقيق كل ما أهملناه في السابق وركنّاه جانبا، محبطين منه، يائسين جدا من تحقيقه، ذلك كونها ترفع معنوياتنا، وتمكننا من ضبط معاييرنا، لتصبح معايير متألقة وواضحة وجلية.
كما في المقابل أيضا هناك كلمة محبطة قاسية، جعلت الكثير من الأشخاص منطوين على انفسهم، مستسلمين لها، تخلوا عن أهدافهم وغاياتهم، واهملوا عمق طاقاتهم، لأنها كسرت مجاديفهم وللأمل أفقدتهم، فللأسف شتتتهم! فإياك ان تضعف انت في يوما ما، في كلتا الحالتين، فتتخلى عن إرادتك وتصبح مثلهم، بل حاول أن تفلتر وبتصفية هائلة كل تصوراتك، لتتفاءل وتصبح مضيئة إيجابية حياتك، واعلم أن هناك الكثير لا يدرك معناها ويجهل اثرها، هذا وبخلاف ذلك الغريم الذي يبخل بقولها ويستخسرها على من يستحقها، وكأنها تنتقص من قدره او تخدش شيئا كبيرا من كبريائه، فلقد قال تعالى في كتابه العزيز (وهدوا إلى الطيب من القول ـ الحج: 24)، ولكن تأكد على الرغم من أولئك المرضى، ضعفاء النفوس، بأنها موجودة باقية بداخل كل شخص متصالح مع نفسه وذاته.
تلك الكلمة السامية، التي ياما وياما بجميع أشكالها وأنواعها (أفرحت، أسعدت، شجعت، ميزت، ومن إلى غيرت)، لأنها وبشكل عام تتفاعل لا إراديا معنا، تنسجم مع رغباتنا ودوافعنا واختياراتنا، تنتشلنا من إحباطاتنا ونكساتنا.
فكم غيرت رأسا على عقب حياة الكثير والكثير منا، ومن الاستسلام والخيبة إلى الثقة نقلتنا، وللسير وراء فطرتنا السوية دفعتنا، وعن كل سوء نية أبعدتنا.
فيكفي أنها ستتوغل بداخل اشيائك غير المرئية، والتي من دون تفكير منطقي تجاهلتها، ومن جديد ستجعلك تلتفت بشكل صحيح لها، لتبرزها من خلال دمج أفكارك التي ستتفنن بها بعد حين، وان كانت اقلية.
فليتنا نعود لساننا عليها، ليتنا نتخلى عن كبريائنا وعنجهيتنا، ونجعلها من أولياتنا الحياتية، لتنظيم سياستنا في جميع علاقاتنا مع غيرنا، فمن ابرز مشاكلنا ومعوقاتنا، هي افتقادنا الشديد لها، وما ينطوي عليها من اثر جميل، يكون بمنزلة بصمة استثنائية مذهلة لا تنسى، بصمة سترممنا وتغير حالنا، لنروي مساحاتنا القاحلة برحيق إيماننا وإصرارنا.