يقال: الشتاء هو بداية الصيف، والظلام هو بداية النور، والضغوط هي بداية الراحة، والفشل هو بداية النجاح.
ولكل بداية نهاية، وما أجمل النهاية وأعظمها، حين توصلنا إلى كل ما يلائمنا ويسعدنا، وبالأخص حين تأتي تلك النهاية، بعد تجارب كثيرة أضعفتنا، وصراعات مريرة أنهكتنا، سواء من (تدهور، ضياع، خسارة، فشل)، في كل ركن من أركان حياتنا.
نهاية، بإمكانك أن تجعل منها انطلاقة غريزية إيجابية جميلة، بعيدة جدا عن اليأس والقنوط، بعد كل موقف فشلت به، أو تجربة أفلتت من يدك وخسرتها، كي لا تتصلب من دون حراك في مكانك، مهدرا بالندامة لحظات عمرك، مبعثرا نفسك في دوامة، لن يعيشها شخص آخر غيرك.
دوامة تقيد بها عمق روحك وذاتك، بها تذهب ولن تعود أوقاتك، وكما قال الباحث المصري عاطف مكاوي: «إن عمرك وقتك الذي أنت فيه»، فلا تبن على زيادة، فتتوانى في استثمار لحضرتك القاتمة.
كما لا تنس أيضا، أهمية الذات، لما له من دور كبير في تحفيز وتنظيم سلوكك، فرديتك، شخصيتك وكل ما يحتويه كيانك.
فلو اعتبرناه بمنزلة عالم صغير خاص بنا، نلوذ إليه حتى في فوضى مشاعرنا، ونحادثه عن أمور تخص حياتنا بمجملها، وعن تأثير نتائجها على سلوكياتنا، سيحتوينا هو في المقابل وبكل آذان صاغية سيسمعنا، سيفهمنا ويتحملنا، ففي النهاية والأخير، يبقى هو الملاذ الآمن بالنسبة لنا.
فبمجرد ما ان نلوذ إليه، سيدور ذلك الحديث الداخلي بيننا، والذي هو عبارة عن صور، أفكار، ومشاعر تجول بخواطرنا.
فقط لا تتهاون انت به، او تتنازل بسهولة عنه، كي لا تفرط في قدر نفسك، فتغرق في بحر (التبرم، التراخي، الخمول)، فمعظم تلك الأمور، لا تتولد عادة إلا بسبب خوائك الداخلي وامتثالك.
فكل ما يفترض منك، حتى وفي أبسط ظروفك، ان تكون على ثقة تامة، بأنك ستتخلص في يوم ما، من كل وجع أحبطك وكاد يقتلك.
وتأكد ان بحزمك ستصبح قادرا وبكل شموخ على مواجهة فشلك او خسارتك، وبمرونتك لن يعرقلك شيء أبدا او يمنعك، فالإنسان الواعي حقا، لا يفقد الأمل مهما فشل، لأنه على يقين تام بأن جرح الفشل سيندمل، وذلك من خلال قوة إرادته، وعدم استسلامه.
فمهما شعرت بالضياع، وجرت عكس ما أردت الأقدار، وانعكست الأدوار، فلا تتأزم أو تنهر، كي لا تفقد الأمل بداخلك، لأنه هو المفتاح الأساسي لصغير عالمك، الذي سيبعث السكون والطمأنينة في قلبك، وعن الإحباط سيبعدك، وتدريجيا سيصفو ذهنك، وستزول غباشة اليأس من عينيك، وستستطيع بعدها إعادة برمجتك الذاتية الخاصة بك.