كثيرا ما نستمد قوتنا أحيانا وصرامتنا من ظروفنا التي حاوطتنا، ومن شدة صدماتنا التي لازمتنا طوال حياتنا، هذا وبخلاف تصرفات وردود أفعال البعض اتجاهنا، أولئك الذين لا يعون للأسف وقع كلماتهم علينا، ولن يندموا ابدا على بجاحتهم وسطوتهم التي وصلت إلى منتهاها معنا، وكأن حال لسانهم يقول: «هذا حقا لنا عليكم»! أي لا تتكلم، لا تناقش، لا تعبر عن رأيك أو حتى تشره وتعاتب! وبخلاف أيضا تلك العوامل التي تراكمت علينا، فأصبحت تؤثر بدواخلنا وتقتحم عقولنا وتشوشها، فأفقدتنا الثقة، إلى ان توهتنا وتاهت ارجلنا معنا، فتحولت اغلب علاقاتنا إلى علاقات مختزلة، عقيمة وقاسية.
فكثيرا ما تجد من جعل لنفسه مبررا تافها وبشكل دائم يكرره عليك، في كل مرة تبادره فيها، وهناك من جعل لمشوار حياته عذرا مبهما، بتلك المهام التي يقوم هو بها، فقط ليتصدد عنك، كما أن هناك أيضا اختيارات واضحة يقوم البعض بالعمد بها، بلا أسباب، وبلا مقدمات، ذلك فقط ليشعروك بطريقة غير مباشرة، بأنهم رافضينك ورافضين معهم وجودك، وان كنت تكن كامل التقدير والاحترام لهم، إلا انك تجدهم يمهدون لك ذلك الطريق، والذي من خلاله يلمحون بحركاتهم بأنهم على وشك إغلاق أبوابهم في وجهك.
ومهما صافيتهم، وجازيتهم بكل ماهو جميل، إلا انهم في المقابل، غير مبالين لفقدك.
وهنا يجب عليك عدم التردد باتخاذ القرار الصائب اتجاههم، وبكل جرأة همشهم، كأنك لن تراهم أو تسمعهم، ولا تكمل سعيك لتمتين علاقتك بهم، عاقدا عزمك محاولا كسبهم، على حساب وجودك، كرامتك ونطاق راحتك.
كي لا يعتادوا على سخي لطفك، فتتحول تلك العلاقات إلى علاقات بمشاعر غير منطقية زائفة، وبمرور السنين ستجد نفسك خانعا لها، لا تستطع تفاديها، وتجد صعوبة من تخلصك منها، هذا وبالرغم من انك لست بملزم بها، ولكنك ملزم بتجنبها، او تغيير ما يحتاج منها.
وتيقن بأن هناك أشخاصا يستحقون ان نبقى عليهم ولا نفرط بهم، وأشخاصا لا يستحقون منا حتى ذكر اسمائهم.
فكن قويا، صارما لتفرض شخصيتك وكيانك، كي لا تجعل من نفسك شخصا بلا قيمة، شخصا مهمشا من خلال وجودك معهم.
وحاول ان تبني نفسك بنفسك من حطامك، وان كانت جوارحك تؤلمك، فذلك اكرم بكثير من ان تكون حائرا، ضائعا هنا وهناك، بسبب تعمقك معهم وتعلقك الزائد بقربهم.
وكف عن مداراتهم وإرضائهم، ولا تكثر بمنح الفرص لهم، كي لا يتمادوا باستغلال نقاط ضعفك، فيجعلونك تحتار والهواجس تحاصرك.