أحيانا، وفي ظل بعض الظروف، يصبح الإنسان كالمسافر، يسافر بعيدا جدا، ما بين فكر وفكر، وما بين شعور وشعور، وما بين قلب وقلب آخر، لتصفية ذهنه، وليتخلص من كل ما يعكر مزاجه ويزيد من سلبيته، وذلك ليكتشف حقيقة ما يحمله في عقله وذاته، وما يحمله من أفكار وظنون تجاه الآخرين من حوله وفي جميع اتجاهاته.
لذا يقال: إن (كل فكر أو ظن يصدر عنك، سيذهب إلى من تفكر بهم ثم يرتد إليك بنفس الطاقة والمستوى والتأثير).
يسافر بمفرده، ليختلي بنفسه لأميال طويلة عدة، أميال قد تغيره دراماتيكيا وبشكل كبير وملحوظ، إلى المضي وبصورة مكثفة إلى ذلك الجانب الآخر، باحثا فيه عن حقيقته، وعن ذلك الشيء الذي يفتقده وأشعره بالضياع.
باحثا عنه ليثبت وجوده المادي والمعنوي من جديد، كي يزخر بالإيجابية والخير والمحبة مثلما يتمنى ويريد، ولينصبّ تركيزه تلقائيا على النوايا الطيبة الحسنة، ليمتلأ (من، إلى) بها.
هذا ما سيجعله ينعكس فيما بعد، عليه وعلى مشاعره وجميع أفكاره، كما سيصبح هذا الانعكاس عاملا أساسيا ومؤثرا في حياته.
فكم من الجميل أن تصل لمرحلة ذلك الانعكاس بكل تفاصيله، والذي لا يعتبر أبدا استسلاما، ضعفا أو خنوعا، بل على العكس تماما.
لكنها مرحلة مهمة من اجل روحك وذاتك، تساعدك وبشكل كبير على الابتعاد عن كل موجة ساحقة، وتقربك اكثر من كل المزايا الحاسمة، لتجد نفسك وبالتسلسل، تنعم بالسلام الداخلي عن ثقة وقناعة تامة، وبصورة أقوى وأفضل.
وإن أردت أن تزن أمور حياتك بالشكل الصحيح فعلا، استمع لعقلك أولاً لا لقلبك، وكما قال ريتشارد تمبلر: (الشيء الوحيد الذي يمكنك السيطرة عليه هو نفسك)، اي وحدك من يستطع السيطرة على نفسه، ووحدك أيضا من بمقدرته أن يختار ويحدد المسار الذي يريد.
وإن كان اختيارك للمسار صائبا، كن على يقين بأنك ستتخلص من كل الأفكار المتوترة، والتي قد تزعجك بشكل يومي وتشغل بالك وترهقك.