لا تُجرد نفسك من الإنسانية وتملأها بالوهن والوقاحة والاستئثار، لا تتقمص دورا لا يليق بك ولا بمقامك، فتكذب الكذبة وتصدقها، وذلك من خلال تزييف حقائقك لتحقيق هدف معين لصالحك، وقد يكون هذا الهدف ماديا، نفسيا، أو اجتماعيا، فتظن أنك أنت الوحيد على صواب وغيرك على خطأ، كونك تلف وتدور في الدائرة نفسها، تحاور وتزاور، إلى أن أوهمت نفسك أنك تسيّدت على الحقيقة.. وأي حقيقة للأسف؟ هي حقيقة إشباع بعض النفوس الدنيئة الجائعة، أصحاب القلوب المتحجرة، الذين سحقوا كل معاني العزة والصدق والكرامة، فتأتي أنت تكابر وتجادل، وبغير شرعية تساجل، ذلك فقط تعزيزا لمن هم معك، وفي المقابل تروي أنت أيضا عطش ذاتك، فتصبح كالعربة لحصان شخص آخر، لكن تيقن وتأكد أن كل ما تقوم به سواء من أمور أو تصرفات إيجابية كانت أم سلبية، خاطئة كانت أم صحيحة، أو أفكار عاقلة كانت أم مجنونة، فكلها في النهاية والأخير وفي كل الحالات هي تمثلك، ولا تمثل غيرك.
ومثل تلك الأمور والتصرفات لا علاقة لها أبدا بأصلك، فصلك، جنسيتك، وطنك، مجتمعك، أهلك أو حتى أقاربك، لذلك مهما تجاوزت حدود الوعي وتخبطت، وأصبحت شخصا مقززا يدعو إلى النفور وعاندت، بسبب رغباتك وفوقيّتك....إلخ، فإنها أيضا تمثلك أنت فقط.
وفي هذا السياق ودلالاته أصبحنا نرى للأسف الكثير في مجتمعنا هذا ممن يهاجم ويعاير، ومن يشمت ويعيب ويجاهر، وهو مجرد إنسان فاشل، خاسر، هذا بخلاف ان البعض منهم يصر على خطئه، فتجده يستمر ويكابر.
وباستمراره هذا تزداد الفجوة وتكبر، ما سيصعب علينا فيما بعد مواجهة تمزقاتنا ومشاكلنا.
يقال إن«صلاح هذا المجتمع في قيمة الإنسان الواعي»، وهذا لا ينبع إلا من قوة إيماننا وقناعتنا وإحساسنا بذواتنا كي لا نعيش في محيط هالك ومهمل، لا يرجى منه نفع ولا ضرر.