يقول علي حرب: «إن الاختلاف هو الأصل في يقظة الوعي وتجدد الفكر وتطور الحياة»، وذلك إذا أردت يوما ما أن تجدد فكرك أو تغير مجالك وتوجهك للوصول إلى هدفك ومقاصدك بصورة قد تكون أفضل بكثير من ذي قبل، بصورة يانعة ناضجة مليئة بالأثر الإيجابي النافع والذي عادة ما يترتب على هدي الإسلام، ويكون حريصا أيضا كل الحرص على إفادة الناس في مجتمعنا، ويجعل الازدهار يغمرنا.
روى الصحابي جابر بن عبدالله رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «المؤمن يألف ويؤلف ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف وخير الناس أنفعهم للناس» رواه الطبراني. وهذا ما سيجعلنا نسلط الضوء أكثر لنلاحظ الاختلاف الجذري الحقيقي وماهيته.
وهنا عليك ان تكون على يقين تام، بأنه لا أحد بإمكانه أن يمنعك أو يعيق دربك، أو يشكك في أدائك ويهز ثقتك، لكن بشرط : ألا يكون هذا التغيير سببا في زيادة العلاقات الجدلية فيما بعد، وألا يمس شيئا وإن كان بسيطا من مقوماتنا الأساسية، وألا يؤثر أيضا على متغيراتنا الاجتماعية أو حتى السياسية ويشوهها، ذلك لأن الكثير من تلك المقومات والمتغيرات تعد جزءا لا يتجزأ من طبيعة بيئتنا وحياتنا.
ما يجبرنا على الالتزام به والحفاظ عليه لا أن نزيد من تدهوره وضياعه.
وقد تكون أنت أيضا مصدرا لإلهام الآخرين وتشجيعهم لصقل أفكارهم ومزجها بصورة مميزة مبتكرة، صورة تنعكس فوائدها علينا وعلى وطننا ومجتمعنا، وذلك كي نستشرف بأمان مستقبلنا.
ولو فكرنا بعمق اكثر لعرفنا أن معظم تلك المقاصد وتلك المقومات، والتي الكثير منها أصبح مصدرا لإلهام جميع شعوب العالم وشعوبنا، كان أساسه أشخاصا كافحوا، وبادروا، وحاولوا دون تردد او خوف، ما جعلهم يهيئون الأجواء ويمهدون الطريق للكثير من بعدهم، كما يقومون بتشجيعهم على طرح أفكارهم الجديدة ذات المقاصد السليمة، والتي يجب ان تكون بعيدة كل البعد عن النزعة الاستئصالية.
يقال: «لا تحشر نفسك في زاوية مغلقة ومعزولة، ولا تحرم ذاتك من خير كثير عنوانه تلاقح الأفكار والآراء»، فالله سبحانه وتعالى لم يهبنا الحياة لنعيش فيها كالأموات، بل وهبها لنا لنكون على العكس تماما، لذلك لا يوجد سبب واحد يستحق أن يقف في طريقنا، ويمنعنا من أن ننحت اأفكارنا لنصقلها ومن ثم نجملها، ولو تصادمت أفكارنا مع أفكار غيرنا واختلفنا عليها فيما بيننا، إلا أن بإمكاننا أيضا أن نحول هذا الاختلاف بما يعود بالنفع العام علينا، ليكون صالحا لمجتمعنا الذي نحيا ونعيش فيه، خاصة إذا حولنا هذا الاختلاف إلى حوار راق ونقاش سام من خلاله نتبادل الأفكار بالأخذ والعطاء، وفي الوقت ذاته نوسع نطاق مداركنا.