فقدت الأمتان العربية والإسلامية رجلا من طراز نادر، المغفور له السلطان قابوس بن سعيد، سلطان عمان.
أحر التعازي للشعب العماني لفقده رجلا لعب الدور الأكبر في نهضة البلاد في العصر الحديث.
إن الأمة العربية فقدت حاكما من طراز فريد، دأب خلال فترة حكمه على تبني خط مستقل لبلاده، جنّبها الكثير من الأزمات والصراعات التي اعتصرت المنطقة، كما انحاز انحيازا واضحا للتحديث والتنمية ونجح في نقل البلاد نقلة نوعية هائلة منذ تولى الحكم في 1970، حتى صارت على ما هي عليه الآن من استقرار وازدهار وانفتاح على العالم.
فالسلطان، رحمه الله، طالما لعب أدوارا إيجابية على صعيد الديبلوماسية العربية، حيث كان صاحب رؤية بعيدة ونظر ثاقب في الشؤون الدولية والعربية، وطالما حظي باحترام وتقدير كبيرين على الصعيد العالمي.
ولد جلالته في مدينة صلالة بمحافظة ظفار في 18 شوال 1359هـ الموافق 18 نوفمبر 1940م، وهو السلطان الثامن المنحدر رأسا من الإمام أحمد بن سعيد المؤسس الأول لأسرة آل بوسعيد سنة 1744.
كان اسم جلالة السلطان ـ رحمه الله ـ استثنائيا ونادرا كذلك.. لقد أضفى الاسم على جلالة السلطان ـ رحمه الله ـ طابعا وقاريا ترافق مع الإطلالة الفرحة والهيبة التي تميز بها جلالته وصنعت معاني الفخر والاعتزاز بشخصيته ـ رحمه الله ـ بين أبناء شعبه أولا وبين شعوب المنطقة. ترى ماذا يعني اسم قابوس؟
قابوس في اللغة: الجميل الوجه الحسن اللون، وقابوس من قبس وزن فاعول وهو طالب النار وموقدها وطالب العلم والمفيد منه وأيضا الرجل المليح الوجه الحسن اللون.
في سبتمبر 1958م أرسله والده السلطان سعيد بن تيمور إلى إنجلترا حيث واصل تعليمه لمدة عامين في مؤسسة تعليمية خاصة (سافوك)، وفى عام 1379هـ الموافق1960م التحق بالأكاديمية العسكرية الملكية (ساند هرست) كضابط مرشح، حيث أمضى فيها عامين درس خلالهما العلوم العسكرية وتخرج برتبة ملازم ثان، ثم انضم جلالته إلى كتيبة (الكالاميردنيانز) الأولى في ألمانيا الغربية، حيث أمضى 6 أشهر متدربا في فن القيادة العسكرية، يؤدي خلالها واجباته العسكرية ويتلقى التدريب في قيادة الأركان.
بعدها عاد جلالته إلى بريطانيا، حيث درس لمدة عام في مجال نظم الحكم المحلي، وأكمل دورات تخصصية في شؤون الإدارة.
ثم هيأ له والدة الفرصة، فقام بجولة حول العالم استغرقت 3 أشهر، عاد بعدها إلى البلاد عام 1383هـ الموافق 1964م، حيث أقام في مدينة صلالة مسقط رأسه.
هواياته
تحدث السلطان قابوس ـ رحمه الله ـ عن هواياته فقال: «منذ طفولتي كانت لدي هواية ركوب الخيل، فقد وضعت على ظهر حصان وأنا في الرابعة من عمري، ومنذ ذلك الحين وأنا أحب ركوب الخيل، ولكن في الآونة الأخيرة ولكثرة الأعمال أصبحت الممارسة قليلة جدا، إلا أن هذه الهواية لا تزال قريبة إلى نفسي.. الرماية أيضا من الهوايات المحببة كوني تدربت عسكريا.. هذه الهواية جزء مهم لكل من يهتم بالنشاط العسكري وعاش في مجتمع كالمجتمع العماني الذي يعتز بكونه يستطيع حمل السلاح عند الضرورة.. كذلك عندي حب التجربة لكل ما هو جديد من أسلحة في القوات المسلحة، سواء بندقية أو مدفع رشاش أو مدفع دبابة، إلا أن الرماية بالمسدس والبندقية تبقى هي الأفضل، وكذلك كنوع من الترفيه أستخدم القوس والنشاب.. هناك هوايات أخرى كالمشي.. أحب المشي منذ الصغر، فأجد الراحة قبل الذهاب الى النوم أن أقضي وقتا بالمشي على البحر فهو رياضة جيدة للجسم وفرصة للتفكير، كذلك أحب التصوير، وكانت لدي هواية الرسم للمناظر الطبيعية في وقت من الأوقات، إلا أن الظروف والوقت أصبحا لا يسمحان بممارسة هذه الهوايات.. والقراءة أيضا كونها هواية، إلا أنها أصبحت جزءا من العمل، وأصبح من الصعب مطالعة الكتب حسب الهواية إلا ما هو في مجال العمل والحياة اليومية.. وأيضا فإن الهوايات المحببة لدي علم الفلك ومراقبة الكواكب، حيث أملك مرصدا صغيرا آمل تحسينه مستقبلا، وعندما تكون الفرصة سانحة في الليالي المناسبة حسب النشرات الفلكية فإنني أقضي بعض الوقت في مراقبة هذه الكواكب السماوية.. وكرياضة كنت ومازلت إذا ما وجدت الوقت أمارس لعبة التنس، كما أحب متابعتها إذا علمت أنها على جهاز التلفاز، وكذلك أيضا بالنسبة لألعاب القوى، فإنني أحب متابعتها».
اهتماماته
كان للسلطان ـ رحمه الله ـ اهتمامات واسعة بالدين واللغة والأدب والتاريخ والفلك وشؤون البيئة، حيث يظهر ذلك جليا في الدعم الكبير والمستمر من لدن جلالته للعديد من المشروعات الثقافية، وبشكل شخصي، محليا وعربيا ودوليا، سواء من خلال منظمة «اليونسكو» أم غيرها من المنظمات الإقليمية والعالمية.
ومن أبرز هذه المشروعات على سبيل المثال لا الحصر، موسوعة السلطان قابوس للأسماء العربية، ودعم مشروعات تحفيظ القرآن سواء في السلطنة أو في عدد من الدول العربية، وكذلك بعض مشروعات جامعة الأزهر، وجامعة الخليج وعدد من الجامعات والمراكز العلمية العربية والدولية، فضلا عن (جائزة السلطان قابوس لصون البيئة) التي تقدم كل عامين من خلال منظمة «اليونسكو»، ودعم مشروع دراسة طرق الحرير.. وغيرها.
[email protected]