آه.. ديرتي أصبحت شكلا آخر عن الماضي الجميل الذي عشنا وتعايشنا به في الصغر، كانت أيامنا في ذلك الوقت لها طعم ولون ورائحة جميلة لم نكن يومها نرى الحقد والحسد والكراهية والبغضاء التي ملأت قلوب وأنفس الناس في هذه الأيام، كنا في ذلك الوقت نحتمي بالله عز وجل ثم برجال هذه الدولة الذين كانت لهم صولات وجولات في الحكومة، وفي مجلس الأمة كنا أيضا فخورين ونحن نسعى ونقف مع هذا ونؤازر هذا، أكان في انتخابات الأمة او المجلس البلدي، وايضا كنا ننظر بأعيننا الأفراح عند ظهور النتائج في كلا المجلسين، حيث كانوا رجالا في هذا التنافس، وأيضا كان هناك رجال سواء أكانوا مسؤولين أو موظفين بوزارات الدولة لهم مكانة بإدارة العمل والإنجاز رغم بساطة الأدوات التي كانوا يستخدمونها، وهي أدوات بدائية، ولكن كان العمل يُنجز على أكمل وجه وأبهى صورة دون أي تأخير، وهذا بسبب تفاني وجهد هؤلاء الرجال وحبهم لهذا الوطن وأهله وحرصهم على مصالح الناس.
كما أن الصحافة في ذلك الوقت كان لها وضع كبير ومكانة عظيمة حيث كانت تزخر آنذاك بالرجال من الصحافيين والكُتّاب، وكان التنافس قويا جدا بين هؤلاء العاملين بالسلطة الرابعة، فقد تميزت الصحافة الكويتية عن العديد من الصحف في الوطن العربي، ولكن بعد أن اقر قانون المطبوعات وتزاحمت الصحف والمجلات اختلط الحابل بالنابل، وزادت هذه «البلوة» عندما صدرت الصحف الإلكترونية وحصلت على تراخيص، كما ان المواقع الإخبارية ومواقع التواصل الاجتماعي جعلت الأمور تسوء أكثر فأكثر في هذا المجتمع والمجتمعات الأخرى من خلال نقل الأخبار وغيرها والتي لا تخلو من السلبيات التي تعيش بها تلك المجتمعات.
وللأسف بعد هذه التغيرات التي جاءت أصبح الحال لا يطاق بسبب السلبيات الكثيرة التي مني بها هذا المجتمع الكويتي، خاصة ما يتعلق بالحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية وغيرها، وبكل أشكالها وأنواعها، حتى وصل الأمر الى ما وصلنا اليه من تغيرات بالثقافة الكويتية التي كانت يسودها التراحم والتواد والتواصل بين أهل الكويت في ذلك الزمان، مهما كبرت او عظمت المواقف او المشاكل، حيث يتم حلها بالخفاء دون ان يعلم احد، ويقول المثل «دار.. درى ودار ما درى»، وكما يقول احد الأمثال «اصبر على جار السوء يا يرحل او تجيله مصيبة تاخذه».
كما كان بالسابق رجال بهم النخوة على أبناء ديرتهم لا يتأخرون عن هذه الفزعات وقت الضرورة ولكن للأسف كل هذا «راح» من بعض الكويتيين وأصبح كل منهم لاهياً يبحث عن مصلحته الخاصة لا يقف إلا اذا كانت هناك مصلحة يريدها وهذا ما نراه في هذه الأيام. حيث إن النائب في مجلس الأمة لا يهمه إلا قضاء مصلحته، والوزير ايضا يبحث عن غايته لأجل أن تمكنه من الاستمرار في منصبه، والمصيبة ان المواطن هو من ضاع في زحام تلك المصالح.
ونؤكد ان إنقاذ أبناء الكويت من هذه الآفات واجب لا مناص منه، حتى شباب وشابات هذا الوطن بالخارج يعانون من هذه الأزمات التي جعلت منهم حالات يرثى لها خلال الدراسة، ونطالب أصحاب القرار خلال أيام الأعياد الوطنية لبلادنا بأن ينظروا لحال المواطن، ونتمنى ان تدوم هذه الأفراح عليك يا بلادي وأن نسمع كل خير.
[email protected]