حين يكون الواحد منا في موقع المسؤولية فهو الحارس الأمين ـ بإذن الله ـ لمقدرات البلاد والعباد، يحفظ الحق، وينشر العدل، ويخلص في العمل، ويحافظ على مكتسبات الأمة. صاحب المسؤولية المخلص صالح في نفسه مصلح لغيره، يأمر بالصلاح، وينهى عن الفساد.
والإسلام قد جعل من الرقابة مسؤولية يتحملها الفرد كما تتحملها الجماعة، وهذا هو الاحتساب في بابه الواسع، فالاحتساب بسعته وشموله رقابة ومراقبة يحمي الفرد والمجتمع والمنشآت والدولة، يحميها ـ بإذن الله ـ من الفساد والإفساد.
إن العامل الصالح، والموظف الصالح، والمواطن الصالح بإيمانه بربه وبوازع من دينه يجتهد في أداء عمله، ويحرص على منع الممارسات الخاطئة، أو يكشف عنها لمن يستطيع منعها.
العامل الصالح عنده من الصدق في دينه، والأمانة في عمله، والولاء لمجتمعه، والحرص على المصلحة العامة ما يدفعه إلى الإحسان وإلى الجد وحسن الإنتاج، وعدم الرضا بالفساد والانحراف.
والفساد بكل أنواعه سلوك منحرف في الأفراد وفي الفئات، يرتكب صاحبه مخالفات من أجل أن يحقق أطماعا مالية غير شرعية، أو مراتب وظيفية غير مستحقة، ما يؤدي إلى الكسب الحرام، وإضعاف كفاءة الأجهزة والمؤسسات والمنشآت.
الفساد منهج منحرف متلون متفلت متستر، محاط بالسرية والخوف، يدخل في كل مجال: في الدين، وفي السياسة، وفي الاقتصاد، وفي الاجتماع، وفي الثقافة، وفي الإدارة.
الفساد تواطؤ وابتزاز، وتسهيل لارتكاب المخالفات الممنوعة والممارسات الخاطئة. الفساد استغلال مقيت للإمكانات الشخصية والرسمية والاجتماعية، يستهدف تحقيق منافع غير شرعية، ومكاسب محرمة لنفسه ولمن حوله، سوء استغلال للسلطة والصلاحية، في مخالفة للأحكام الشرعية، والقيم الأخلاقية، والأنظمة المرعية.
الفساد داء ممتد لا تحده حدود، ولا تمنعه فواصل، يطال المجتمعات كلها متقدمها ومتخلفها بدرجات متفاوتة، فلا بد من محاربة الفساد ومكافحته، والتزام الصلاح والإصلاح والنزاهة والشفافية، وذلك هو المفتاح القائد ـ بإذن الله ـ لأسباب الخير والفلاح، والتوفيق والصلاح، والأمن والطمأنينة، وانتشار العدالة.
ومحاربة الفساد ليست وظيفة لجهة معينة أو فئة خاصة، بل هي مسؤولية الجميع ديانة وأمانة وخلقا ومسؤولية.