«أي شخص يمتلك القدرة على القيادة عندما يكون البحر هادئا». (بابيلوس سيري كاتب لاتيني)
دور القيادة الذي نمارسه على الغير، سواء كنا أزواجا، إخوة، آباء، وحتى أصدقاء، في إقناع ان ما تقوله هو الصحيح وما عداه خطأ هي لغة غير قابلة للتفاوض، تجد الزوج يقول لزوجته: لا، دون ان يذكر الأسباب، يأمرها دون ان يحترم شراكتهم في الحياة، وتجد الآباء يمنعون أبناءهم من ارتياد التخصص الذي يريدون بحجة انهم يعرفون مصلحتهم أكثر منهم، وتجد أيضا بعض الأصدقاء يتناقشون حول موضوع اجتماعي، فيهب أحدهم بوجه الآخر «كلامي صح» ضاربا برأي غيره عرض الحائط ويحاول ان يلعب دور الرقيب والناصح، ومن هذا المدخل الجميع يصلون الى نقطة السلطة والتحكم.
كل إنسان مسؤول عن ذاته، خياراته، لا أحد له الحق في ان يقنعك بشيء أنت لست مقتنعا به، وليس مطلوبا من أحد ان يهديك إلى الصراط المستقيم سوى ذاتك لأنك لو رضخت دون اقتناع ستتبنى آراء سطحية وتكون متشددا في لغتك الحوارية وبالنهاية تكون نسخة منهم.
أحد الأزواج كلما طلبت منه زوجته شيئا قال: لا، وهي طلبات بسيطة ولا تتطلب كل هذا الرفض.
راجعتني العيادة تقول: عجزت يا دكتور ان أجد حلا مع هذا الإنسان، فهو أوصلني لمرحلة قلق متقدمة تنتابني عند الحديث معه وأشعر بعبء كبير حتى انتهي من الحوار معه تطور هذا القلق وأصبح أسلوب حياة، فوجدت نفسي اتبع سياسة الرفض حتى مع الأبناء وأبرهن ذلك بقولي: انا خايفة عليكم.
حين تكون هناك سلطة أقوى منا سيكون منا إما الرفض أو الاستسلام وعادة كلاهما يغذي هذا السلوك عند الآخر، إذا وجدت هذه الشخصية المتسلطة التي ترفض ان تسمعك أو حتى شبه المتسلطة تلك التي تقنعك بانها قيادية وتريد مصلحتك وهي في الحقيقة نابعة من مشاعر انفعالية فإذا عارضها أحد تزيد وتضاعف من غضبها وتهجمها وإذا رضخ إليها وقال: نعم، تشعر بالراحة.
طريقة التعامل مع شخص متسلط ويستغل وضعه الاجتماعي لذلك سواء الأبوان أو الأخ والأخت الكبيرة أو الزوج:
أولا: لا تبدأ بمعارضته لكي لا تغذي شعور الأنا بداخله حاول ان تجعله يشعر بانه هو من يقود المركب لكن لوجهتك أنت بمعنى كلما أبدى رأيه أنصت له بانتباه وأجعله يشعر بانك لولاه تضيع، لكن في سياق ان تضيف ما تريد بالتدريج، فمثلا حين يقول الأب: أدخل هذا التخصص قل بالفعل هو تخصص جيد لو كنت أستطيع الدخول إليه لكن ليس له مستقبل وظيفي هناك الكثير من العاطلين يحملون هذا التخصص وهو ليس مطلوبا بكثرة في سوق العمل.
لا بد ان يشعر المتسلط بانه مسؤول عن الآخرين لأنه يعاني من مشكلة في مسؤوليته عن ذاته فتجده ضعيفا بمواجهتها مخزنا على شاشته الذهنية الكثير من مواقف الضعف والفشل فيتخذ شعار يا ليت كان أحد نصحني في السابق إلى ان يغذي نزعة سلطته على الآخر دون ان يدري.
تجنب ان تصطدم معه في آرائه لأنه يخلط بين الرأي الشخصي وقيمته الذاتية فيشعر بانك تهينه.
ومضة: الشخصية القيادية لا تفرض ما تريد على الآخرين بل تدلهم على الطريق الصحيح لمعرفة ماذا يريدون فحين يقود ابنك حياته وانت بجانبه تملي عليه ماذا يفعل سيدخل في نفق مظلم ويصطدم برحلته مع ذاته وربما يزهق طموحاته.
Twitter @Dr_ghaziotaibi