تحكم الإنسان، منذ بدء الخليقة عادات وأسس سار عليها حتى انتهجها، من المسلمات، ولا يخفى على البعض ان بعضها مبالغ فيه، لدرجة انه يقيد حرية الفرد وحياته، ويجعل الاستسلام من سماته، فنجد الآباء منذ الصغر جملتهم المشهورة لا، عيب، وحين يكبر الطفل ويصبح في سن التعبير عن ذاته نجد العيب توسع وتشعب بدءا من أقواله حتى تصرفاته، فيكبر بعقدة العيب، وهذا يؤدي إلى الخلط، دوما بين الأمور، وربما التطرف في الآراء، أو التحفظ ظاهريا، وفي السر يفعل ما يريد، وهذا يأخذنا لعدة نماذج أحيطت بتحفظ بالغ أدى إلى مشاكل جوهرية بعد ذلك، فتجد الرجل عيب يبكي، وهذا يؤدي، لتراكم انفعالاته، واضطرابه، وعيب تقول لا حتى لو كنت لا تستطيع، لا ترد الضيف، وفي ذلك إجحاف بحق النفس، وتكليفها فوق ما لا تطيق.
مفهوم العيب من منظور العادات والتقاليد، وربطه بالدين فيه تدليس على الجميع، بحيث يعيش صراعا نفسيا رهيبا، بأنه لو فعل ذلك فسيضر بدينه، وتجد الأمر مشروعا وشرعه الله، فمثلا بعض القبائل عند عقد القران تمنع الزوج من رؤية زوجته حتى ليلة الزفاف، وفي ذلك ظلم كبير للطرفين، بحيث يجهل كل واحد منهما الآخر، ويبني آمالا، وطموحات عنه تقابل بخيبة الأمل.
تقول، يا دكتور: العيب هضم حقوقنا، وأصبح ينادى فيه، من باب فرض السيطرة علينا، فحين نشتكي من أزواجنا، يقال لنا عيب، تتحدثي عن زوجك، وحين نطالب بأبسط حقوقنا يقال عيب ان تطلبي ذلك، احترنا في عيب، ما أنزل الله به من سلطان، فكيف نحكم بعادات وتقاليد وشريعة الله السمحة يسرت لنا كل شيء؟!
بالطبع كل تقييد لحرية الفرد تجعله يشعر بالنقص والتقصير، مهما فعل متخبط بين إرضاء نفسه وإرضاء الناس، وعادة يرضي غيره على حساب نفسه، وربما يعيش طوال عمره محروما، من حق شرع له، بسبب حكم عادات وتقاليد تحاكي فكرا غير سليم باسم الدين.
الإنسان خلقه الله حرا يتماشى مع كل زمان ومكان، ويتطور للأمام فحين نضعه في خانة الإجبار، سيصبح غير قادر على الاتزان وسيصاب بما يسمى التناقض، فتجده ينادي بشيء يفعل عكسه ويحكم على غيره، ويفعل في السر الخطأ، وفي الجهر يدعي التقوى، لان ما يحكمه صنعه بشر معرض للصواب والخطأ، وليس منزلا من عند الله، فيختلط الحابل بالنابل وتضعف الرقابة الذاتية وتنمو رقابة المجتمع علينا، فنصبح مبرمجين على قول لا، عيب، من دون أن نعرف لماذا نقول ذلك، ويتوارث هذا الفكر جيل بعد جيل، فتضعف المعرفة، ويكثر الجهل.
أي عيب، إذا بطلت صلاحيته فسينكشف الحجاب، عن ما يسمى بالصدق مع الذات والاقتناع، اللذين هما الطريق لصنع عرف سليم يسهل حياتنا، ولا يكون عثرة في الطريق.
Dr_ghaziotaibi@