يقال إن (باهرلمشاب) سلطان غازنا كان في طريقه لغزو الهند والسيطرة عليها.
حط الجيش رحاله بجانب حديقة تفوح منها رائحة الأزهار، لم يكن بنية السلطان التوقف، فقد كان على عجلة من أمره ويريد السيطرة على الهند، وكأنه قد ضمن النصر، لكن استحوذ اهتمامه صوت ينبعث من الحديقة لم يسمعه من قبل، صوت شجي أنساه الحرب، وبدأ يتتبع هذا الصوت الذي تتفطر له القلوب، فإذ برجل متأمل في الكون اسمه «لاي خور» يصفه الناس بالمجنون نظرا لخياله الخصب، منهم من وجد أفكاره خيالية تتنافى مع العادات والتقاليد فأصبحوا ينعتونه بالجنون، وهذا حال البشر اليوم حين يأتي لهم أحد بشيء غير متعارف عليه لا يفكرون ولو للحظة، يصدرون الأحكام ليريحوا رأسهم، لا يكلفونها عناء ان تعرف ماذا ترفض، ولماذا؟.
نظر إليه لاي خور وقال: أنت سلطان أعمى فاشتاط الجميع غضبا، كيف يجرؤ على قول ذلك، لكنه أصر بنعته بالأعمى، وقال: ان النصر الحقيقي ليس بالحرب والاستيلاء على أراضي الآخرين، بل هو في التغلب على شهوات وأحقاد النفس، هو انتصار المحبة والإخاء، لو كان هذا السلطان ذا بصيرة لما فكر في غزو الهند، ان من يفكر على شاكلته كمن يبني قصورا من رمال.
الزهرة الأولى: كونوا واقعيين لا تبحثوا عن السعادة في أي مكان، بل فتشوا عنها بداخلكم، ان من أعطاه الله نعمة البصر والبصيرة هو من يبحث بداخله عن كنوز عظيمة.
كان الإسكندر المقدوني يجالس «ديوجين»، ويقول: لن ارتاح حتى أغلب العالم كله وأخضعه لسيطرتي، فرد عليه: إذن لن ترتاح، لن تعرف الراحة ابدا، لأنك كلما سيطرت على بلد ستفكر في بلد آخر وستجد نفسك هلكت.
الزهرة الثانية: جميع الناس تقول سأرتاح حين أصل لمركز معين، أو حين احقق دخلا ثابتا، لكن لماذا لا ترتاح الآن ليسهل عليك الطريق وتصل لما تريد دون عناء وشقاء نفسي، جرب ان تنظر لنفسك وسط حديقة من الحقائق مثل النعم التي أوجدها الله، والتفكر، ففي كل كائن حي آية تعيدنا لنصابنا الصحيح وتجعلنا على طريق الحياة زارعين لكل معنى ولكل دور على أكمل وجه.
الزهرة الثالثة: سعادتنا ليست في شن الحروب النفسية على الآخر، ولا بالتغلب عليه وهزمه، ان ذلك، أشبه بسباق مع ريح عاصفه ترتد وتقلع جذور الطمأنينة من قلبك، فسوء التأدب والأخلاق لن يجعلا منك شخصا متمكنا، بل ستكون أضعف مما تتصور.
الأحكام والشتائم بحق الآخر في هاشتاقات مليئة بالكراهية لن تمكنك من الانتصار لمعنى الإنسانية السامي، بل ستكون تابعا لتيارات برمجت نفسها على الشر، وهكذا لن يكون لك أي دور في الحياة، سيصبح داخلك ضعيفا تذروه أي ريح.
فمن دون محبة الآخرين لن يكتمل فينا مفهوم حب الذات.
الهاشتاقات التي خلقت لتبادل السب والشتم بين أبناء خليجنا الواحد ليختل الأمن والأمان في نفسية الأفراد هي لا تبحث عن حل بقدر ان تكون مثل البنزين على النار، تشعل الفراق وتضخم الخلاف، حتى أصبحنا نفتقد لطاولة حوار تقرب وجهات النظر، وأملنا كبير في سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد في حل الأزمة وإعادة التكوين الراسخ لخليجنا كما كان، ونبذ الفرقة والعنصرية.
@Dr_ghaziotaibi