في ورق تكتب عليه مجريات الأحداث قد لا يتسع الحبر للمزيد من الكلام لكن ما الذي يبقي تلك الرغبة في الكلام مصدر اهتمام؟
ربما تعودنا دوما الا نرد على قدر الجواب بل نتعداه لسطور وسطور لا تنتهي.
تبقى معلقة تذهب الإجابة لتعود ركاما من لحظات ماضية.
لا أحد لديه متسع للاستيعاب.
استيعاب فقط ما يدور حوله من أحداث فهو إما ان يهرب إلى زمن ليس هو فيه أو زمن كان فيه.
طاقة الاستيعاب لا تنحدر من محتوى ما تواجه ان كان سهلا أو صعبا.
بمعنى قد تمر عليك محن كبيرة لكن تستوعبها بقدر من الوعي فيصبح التعامل معها سهلا لأنك جعلت نفسك في طور التعامل وليس المشاعر.
لا يوجد استيعاب خارج وقته أو مكانه، لا يمكنك ان تستوعب ما صار بالأمس وتواجهه اليوم لكل وقت وعيه حتى لو لم تعه ستكون تعلمت بالمقابل شيئا يجعلك في هذه الأثناء تعرف ماذا تريد.
هل عمرك شاهدت السماء تنقبض كلما طار سرب من الحمام وانتشر في فضائها؟ بالطبع لا، بل يزيدها هذا المنظر اتساعا وتماهيا كذلك الحال حين تهيئ نفسك لما أنت فيه، تحاورها، تسمع منها، تأخذ وتعطي بالكلام لتعبر لضفة الأمان.
ككل الأمور التي تخرج عن السيطرة يبقى دوما هناك وقت تعود فيه الأمور الى طبيعتها وحتى هذا الوقت قد يصبح الواقع ضدك في نظرك، وأكرر نظرك ليس على صواب دوما.
قد تحكمه قناعات وقد تربكه تغييرات.
لذلك حاول ان تنظر للأمور من جميع الجهات وليس جهتك فقط.
قد تصادف في اليوم ما يجعلك تتجرد من نفسك وربما تقتبس من غيرك سوء تصرفه قد تظن انه يجبرك على ان تحذو حذوه لكن في الحقيقة كلنا نختار ماذا نريد ان نكون عليه.
قد نضعف تدريجيا لكن حتى نقوى كليا، وقد نهبط على أرض من الأفكار كلها نار أو سلام، قد نرد الإساءة بمثلها وقد نردها بالحسنى.
كل ذلك خاضع لما تختار أنت وليس غيرك.
إن من يحاول ان يوقف أفكاره بعنف فلن يجد إلا سيلا من الأفكار العنيفة ينهمر.
ومن يربت عليها بلطف سيجد انها تحنو إليه حتى تصبح كطفل يستجيب بسرعة لما يريد.
من الذكاء ألا تخوض حربا انت عارف انك ستكون خاسرا فيها، اختر السلم دوما.
الأرواح التي جعلها الهم مكبلة باعتبارات ليس لها وجود سوى في العقول تتمرد على أصحابها ويأتي يوم عليها وتصبح خارج أسوارها، فرفقا بأنفسكم لا شيء سيدوم لماذا الهموم.
لو عرف الإنسان انه كلما اصطنع القوة ذهبت منه وكلما عرفها ذهبت إليه لاستطاع ان يتوقف عن التظاهر ويبدأ بالتكيف مع الحياة.
وتلك أول جولة سيكسبها مع ذاته لأن كل شيء لا يشكل له مصدر قلق، أمانه بيديه واستقراره بما يريد ان يراه بعينيه.
في هذه الأزمة:
استخدام أفكارك لصالحك ينفعك.
الابتعاد عن المبالغة في ردود الأفعال سيجعلك تنظم ردة فعلك لتسير بشكل طبيعي دون ان تحتاج كل مرة لأن تصاب بنوبة قلق ومخاوف.
التعامل مع المشكلة وليس أثرها يجنبك عواقبها.
Dr_ghaziotaibi@