فاتت على الحكومة فرصة ذهبية لا تقدّر بثمن بوأد وهم إسقاط القروض الذي زرعه الكثيرون في أذهان الناس. تلك الفترة كانت في نهاية شهر أكتوبر آخر شهر تم فيه إيقاف كل أقساط القروض سواء من البنوك أو التأمينات وحتى بنك التسليف 6 أشهر، كان الكويتي يتقاضى راتبه كاملا غير منقوص «دينار واحد» بالإضافة إلي إغلاق جميع منافذ الترفيه ومنع السفر وإغلاق المولات العملاقة، باختصار سيولة كبيرة تراكمت لدى المواطن في نهاية تلك الشهور الـ 6 وأغلبية المواطنين كان عندهم إمكانية إغلاق بعض قروضهم والتحرر قليلا من قيود أقساطها لكن وهنا أضع بكل مرارة ألف خط تحت «لكن» امتنع الكثير عن ذلك بسبب استمرار وهم إسقاط القروض الذي يستمر البعض في تغذيته لأسباب الله أعلم بها والذي حصل أن تلك الأموال التي جمعها المواطن طيلة الأشهر الستة تم (فسفستها) وطارت مع الهواء مع افتتاح المولات والمطاعم ووكالات السيارات وكذلك فرصة السفر وعاد المواطن إلى نقطة الصفر كما بدأ قبل ٦ شهور (طرق المعاش) ولا عنده دينار زائد وأقساط قروضه على حالها تلتهم أغلب راتبه ويستمر التحلطم والتذمر.
كنت أتمنى من كل قلبي أن لو صدر وقتها بيان خاص من مجلس الوزراء بشأن إسقاط القروض يقطع الشك باليقين ويحسم كل الشكوك بعد الـ ٦ أشهر إعفاء من الأقساط ويضع النقاط على الحروف إما أنه يوجد توجه ونية لإسقاط القروض أو النفي نفيا قاطعا وجازما بأنه لا نية لإسقاط القروض وأن كل الحملات والمطالبات يجب أن تتوقف وستتم مقاضاة من يستمر بهذه الحملات لأنه يضر الناس من حيث لا يدري (وقد يدري). تتعلق الناس بوهم إسقاط القروض وتتوقف عن ترتيب أمورها المالية وتعيد موازناتها وسلوكها الاستهلاكي وتبدأ تنتشر ثقافة الادخار ويزيد وعي الناس أن ادخارك لسنتين قد يقيك شرور قرض (يمسك تلابيب رقبتك) ١٥ سنة.
بدلا من حملات إسقاط القروض تعالوا نجد وسائل لزيادة دخل المواطن وهناك سبل كثيرة لذلك ولنبدأ بزرع ثقافة الادخار وتشجيع السلوك الاستهلاكي الرصين بدلا من بيع الهموم للمواطنين.
نقطة أخيرة: من أبشع تبعات استمرار حملات إسقاط القروض وزيادة زخمها وركوب الكثير من النواب لتلك الموجة هي زيادة أعداد المقترضين على الرغم من عدم حاجتهم الماسة لذلك، فقط لأنه تم زرع فكرة احتمال إسقاط القروض برؤوسهم لكثرة تواجدها في وسائل التواصل.. آن الأوان للحكومة لأن توقف هذا الوهم وتضع حدا له.
ghunaimalzu3by@