جملة جمــيلة ذكرهــا مــالكوم أكــس فــي خــطابه المشهور قبل وفاته بعدة أسابيع. تلك الجملة هي We didn›t land on Plymouth Rock; the rock was landed on us.
يقصد مالكوم بتلك العبارة المؤلمة أننا لم نختر العبودية في أميركا بل إنها فرضت علينا في أفريقيا حيث موطننا ثم أحضرونا عبيدا لأميركا.
هذا الأمر ينطبق بكل تفاصيله المؤلمة والمخزية على موضوع العمالة المنزلية في الكويت، فالذين يشترون ويبيعون فيهم وكالات وسماسرة من بني جلدتهم وفي موطنهم يشترك معهم في تلك الجريمة النكراء (بعض) مسؤولي الهجرة في بلدانهم وسفاراتهم في بلداننا.
هم الذين يذهبون للقرى النائية ويختارون منها كما كان تجار النخاسة في الماضي يختارون ويخطفون العبيد لكنهم لا يستعملون القوة والبارود بل يستغلون فقرهم وحاجتهم للقمة العيش الكريمة فينشرون بينهم رواتب الخدم والعمالة في الكويت، ويغرونهم بالتقدم للعمل فيها عن طريقهم وبواسطتهم.
ولا يستطيع العامل هناك الذهاب للكويت دون تلك الوكالات وهؤلاء السماسرة، وتساعدهم في ذلك قوانين وتعليمات الدولة موطن العمالة المنزلية التي ترفض تعاقد مواطنيها مع الكويتيين مباشرة بل تفرض عليهم عمل ذلك عن طريق مكاتب العمالة والسماسرة الذين يأخذون ٨٠% من رسوم الاستقدام.
ورسوم الاستقدام هنا هي مربط الفرس وهي التي تعطي آلية التعامل هذه صفة الاتجار بالبشر، وهو أمر لا دخل للكويت فيه بل هي مفروضة قانونا وقسرا من تلك الدول التي لا تخجل منها وتضع سعرا على رؤوس مواطنيها من يرغب باستقدام عمالة منها عليه أن يدفع رسوما غير مبررة ولا يصل للعامل منها فلسا بل أحيانا كثيرة يأخذون منه كذلك فلوس.
في تحقيق قامت به إحدى الصحف في بلدان العمالة المنزلية كشفت أن تكاليف سفر العاملة المنزلية للخليج لا تتعدى تذكرة باتجاه واحد مع رسوم الكشف الصحي والفيزا، وحسبته أنه لا يتجاوز ٣٠٠ دولار بينما يقبض السماسرة ووكالات العمالة في تلك البلدان ٣٠٠٠ دولار تعادل غالبا نصف راتب المواطن الكويتي الذي يدفعها مجبرا وليس لديه أي خيار آخر مع رفض حكومات تلك على عدم السماح للعامل بالسفر بنفسه للعمل في دول الخليج دون هؤلاء السماسرة ووكالات العمل.
لذلك، أتمنى من وزير الخارجية الشيخ د. أحمد ناصر المحمد التكرم بالنظر في إمكانية توجيه مذكرة لمنظمات حقوق الانسان وللسفارة الأميركية تبين لهم أن الاتجار بالبشر يتم على أرض ووطن تلك العمالة قبل أن يصلوا للكويت وعلى أيدي مواطنيهم وبمباركة من حكوماتهم، فبأي حق تطالب تلك الوكالات برسوم عالية جدا فقط للسماح لتلك العمالة بالذهاب للعمل في الكويت.
لماذا لا يتم السماح لهم بالتعاقد مباشرة حاله حال أي موظف يذهب للخليج يتواصل مباشرة دون وسيط مع الشركة التي يرغب بالعمل فيها ويتم الاتفاق معه وتوقيع عقود العمل دون وسيط.
إن كانت تلك المنظمات الحقوقية والسفارات الغربية جادة في التعاطف مع العمالة المنزلية في الخليج، فلتطالب حكوماتها بكف يد السماسرة ووكالات العمالة عن الموضوع، وليكن التعاقد مباشرا بين العامل والمواطن الكويتي من إنسان لإنسان تحت إشراف سفارات بلدانهم وهيئات القوى العاملة في الخليج.
نقطة أخيرة: من يرد الوصول إلى مرتكبي جريمة الاتجار بالبشر فليتبع الأموال التي يتم تداولها في تلك التجارة، أين تذهب وأين تصب في النهاية؟ كل الأسهم تؤشر إلى بلدان وحكومات تلك العمالة ووكالات العمالة فيها والسماسرة والوسطاء، فهناك البداية والنهاية لجريمة الاتجار بالبشر، وهناك يجب أن تركز منظمات حقوق الإنسان والسفارات الغربية أنظارها.
ghunaimalzu3by@