من أجمل مشاهد مسرحية «شاهد ما شفش حاجة» الذي يتم فيه التنكيل بعادل إمام من القاضي والمدعي العام والمجرم في الزنزانة ينظر إليه نظرات يتطاير الشرر منها، كل هذا لم يكن كافيا فقط ليتطوع أحد الحضور ليزيد معاناته بشرح بعض جوانب القضية بعد أن شكره عادل إمام سأله: أنت معاهم؟ رد عليه لا. عندها لم يتمالك عادل إمام وصفعه بقوة وهو يردد «أنا ناقص!» يعني مش كفاية دول؟!
تذكرت هذا المشهد عندما شاهدت جداول جميع مراحل التعليم عن الكويت لأفاجأ بوجود تربية بدنية ورسم وموسيقي، وفي الحادي عشر فيه نشاط تخضير.. لا أمزح.. مكتوب نشاط زراعة وتخضير. يا مثبت العقول. «التعليم عن بعد» تجربة جديدة وفي بعض الأحيان مخيفة للطلبة والأهالي والمعلمين والمعلمات.
لكي تبدأها صح يجب أن تكون فقط للمواد الأساسية في البداية بل المواد الأساسية أيضا يجب اختزالها للحد الأدنى لضمان نجاح تجربة التعليم عن بعد التي سيكون ضدها الكثير من الأمور مثل تفاوت ضعف وقوة شبكة الإنترنت من موقع لآخر وقلة وعي الناس بهذه التجربة الجديدة.
لذلك يجب أن تبدأ بالتدريج وبالحد الأدنى ثم بعد فترة عندما يتعود الناس عليها ويتم حل مشكلات الشبكة تقوم بتطعيمها ببعض المواد الأخرى والتي لا أعرف ماذا سيحصل لو أنها غابت عن المنهج الدراسي شهرين ثلاثة لتمنح الناس فرصة للتركيز على هذه التجربة الجديدة وعدم تشتيتهم بمواد يمكن أن تنتظر شهرين ثلاثة. لكن هذه هي آفتنا مع التعليم والتربية في الكويت يجلسون في غرف اجتماعات مكيفة ومريحة وينظرون ويخططون ويتفلسفون لواقع مثالي بعيد عن الواقع على الأرض.
فكلما اعتقدنا أننا وصلنا الى القاع في مستوى التعليم يفاجئنا مسؤولو «التربية» بمستويات جديدة (they keep digging).
وجود جميع المواد العملية في الجدول مثل الموسيقى والرسم وصدق أولا تصدق التربية البدنية! نعم يا سادة في ظل كورونا ولخبطة العام الدراسي وزارة التربية مصرة على تدريس التربية البدنية في نظام التعليم عن بعد.. كيف؟ الله وحده يعلم. لكنني أعلم أن لسان حال أولياء الأمور الذين يخوضون تجربة التعليم عن بعد هم وأطفالهم لا يرون هذا الأمر مسليا أو مضحكا، فما ان ترفع الأم ظهرها بعد ساعات من محاولة إدخال معلومة من مادة العربي أو الرياضيات تفاجأ بابنها يقول لها إن معلم التربية البدنية أعطاني واجبا!
نعم؟! ترد الأم بتساؤل غاضب: واجب ماذا الذي سيعطيك إياه مدرس التربية البدنية؟!
نقطة أخيرة: أعزائي مسؤولي المناهج في وزارة التربية، لو تكرمتم.. قليلا من الواقعية.. اتركوا عنكم التخطيط المثالي والوردي وارأفوا بحال الأمهات والآباء الذين تحولت بيوتهم لمدارس بها 6 و7 وفصول حسب عدد الطلبة في البيت! وخففوا عنهم الحمل قليلا.
[email protected]
