رغم أن الموت هو الحقيقة المطلقة في هذه الحياة وأنها مصير كل كائن حي الا إن مشاعر الإنكار في بداية سماع الخبر والصدمة بوفاة الشيخة الجازي الأحمد الصباح طيب الله ثراها، جعلني لا أصدق ما أسمع، إن مشاعر الحزن بوفاتها جعلتني أعيد شريط حياتي معها وأتذكر مواقف جمعتني بها منذ طفولتي لم نكن نناديها إلا بـ «يمه الجازي».. هكذا الحياة رحلة نسير فيها ولا نعلم متى يسترد الله وديعته، فالموت حقيقة مطلقة وكل نفس ذائقة الموت، وهو المصير الذي يسير إليه كل البشر، وجميع مخلوقات الله لها عمر ومن ثم تفنى والباقي وجه الله الكريم الأكرم.
إنني مقابل الكعبة وفي الحرم وليلة جمعة ولا أحد يستطيع أن يعلم ما أشعر به من حزن تعجز كلماتي عن وصفه ولكن دموعي تكشفه، فلقد نقشت الشيخة الجازي أسمى مراتب الحب والإنسانية والخلق والمحبة لكل من يحيط بها صغيرا وكبيرا، ليتني لم أعثر على هذا الشعور في داخلي فلقد آلمني الخبر وضيق صدري ولكن منظر الكعبة المشرفة دعاني ساجدة لأدعو لها بالرحمة والمغفرة.. نعم الحزن يسبب ظلاما في القلب أكثر من أي ألم ولا سلطة لنا على قلوبنا وهي تنبض لها بالمحبة والاحترام والتقدير.
إن أغلى وأثمن دموع في الحياة هي دموع فقدان الأم، نعم وإنها الجازي التي كانت لي بمنزلة الأم منذ كان عمري سبع سنوات وأنا مصاحبة لهم من أخوات وإخوة أعانهم الله على هذا المصاب الجلل.
لقد أغرقني الحزن ولكن وأنا أشاهد الكعبة أدعو لها بأن تكون في أعلى عليين.. نعم فالكعبة المشرفة مرسى حزني وألمي ودموعي ولكن أعيد وأكرر دعواتي لها بالتوسل إلى الله لها في سجودي أن يلطف بها ويغفر لها ويدخلها الجنة بلا سابقة عذاب ولا حساب.
نعم لقد أطلقت العنان لدموعي فغسلت شيئا بسيطا من الحزن عليها والله يصبرنا على فراقها، فالله لم يخلق الدموع للإنسان عبثا ولكنه يريح المحب ويغسل جزءا من حزنه.. نعم الشيخة الجازي لم تمت فذكراها وإنسانيتها وروحها السمحة الطيبة باقية.
نعم نستطيع أن نمثل الابتسامة ولكن لا نستطيع أن ننزل دمعة واحدة دون سبب حقيقي، نعم ستبقى الشيخة الجازي او ماما الجازي كما تعودت على مناداتها في القلب والذاكرة إلى الأبد والحب لها لا ينتهي والدعاء لها مستمر.
نعم للحزن أجنحة يطيرها الصبر والاحتساب مع مرور الزمن ولكنك ستظلين الحبيبة الغالية الوفية السمحة لكل من عرفك وتعامل معك، حقا أنا بعيدة عنكم بجسدي ولكن حسي وإحساسي ومشاعري تحيط بكم كي أقدم لكم أحر التعازي والمواساة لأحبتها فهم أخواتي وإخواني، ودعواتي هنا من مكة عسى الله ان يتقبلها بأن يمسح على قلوبكم وقلوب من أحبها من الأهل والأقارب والأصدقاء، فلهم الصبر والسلوان وأسأله أن يتغمد روحها الطيبة في أعلى جنان الخلد، ولكم يا الغالين من أبنائها وبناتها ومن دخل بيتها خالص عزائي.. إنا لله وإنا إليه راجعون.